التقصير في فقه الخلاف وفقه الاجتماع

سابعاً: التقصير في فقه الخلاف.

وأقصد بفقه الخلاف معرفة أحكام الخلاف بين المسلمين، وماذا يترتب على الخلاف؟ وما يجوز الخلاف فيه وما لا يجوز؟ وإذا خالف المخالف ماذا نطلق عليه؟ ومتى نطلق عليه الكفر أو الفسق إلى آخره؟ هذه أمور يجهلها كثير من الناس، ومن هنا يحدث الافتراق.

كذلك فقه الاجتماع والجماعة، وهذا أمر غفل عنه الكثير من الشباب الذين يأخذون العلوم الشرعية، غفلوا عن أصول فقه الاجتماع، اجتماع الأمة وجمع الشمل وفقه الجماعة، وأيضاً محاذير الافتراق، ومحاذير الفتن، وما توصل إليه؟ وكذلك عدم التفريق بين الثوابت وبين المتغيرات من الأحكام والأصول.

أيضاً: الجهل بقواعد الشرع ومقاصده العامة، مثل: مسألة جلب المصالح ودرء المفاسد، ومسألة التيسير، ومسألة متى يكون للناس في أمر من الأمور رخصة؟ ومتى يكون لهم ضرورة؟ واللجوء إلى الضرورة كيف يكون؟ وأحكام الفتن، وأحكام السلم، لذلك نجد كثيراً من الناس لا يُفرق في كلامه وأحكامه بين ساعات الشدة والفتن، وبين ساعات السلم والأمن، وهذا ليس بفقه، بل هو خلل كبير، وسبب للافتراق.

وأضرب مثالاً لذلك ما حدث فيما شجر بين إخواننا الأفغان، ما حدث فتنة، والمتبصر يدرك الحق وأصحابه، ويدرك الباطل وأصحابه، ومن لديه حق أكثر وإن كان فيه أخطاء، ومن لديه شيء من الباطل وإن كان عنده حسنات، لكن لا يفقه أحكام الكلام في الفتن، ومتى يكون الكلام مناسباً ومتى لا يكون؟ ومتى يجوز الحديث عن الأشخاص والأحكام عليهم ومتى لا يجوز؟ ولا يفقه المصالح الكبرى للأمة، والمصالح المعتبرة في جمع الشمل، وجمع الكلمة، وضرورة السكوت والإعراض والكف عما يشجر بين المسلمين أثناء الفتن، ودرء المفاسد إلى آخره، كثيراً ممن سمعتهم لا يفقهون هذا الأمر مع الأسف، بل ولغ الناس على غير هدى ولا بصيرة في هذا الأمر، ولم يهتدوا بكلام أهل العلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015