ثامناً: التشدد والتعمق في الدين، وهو من أعظم أسباب الافتراق.
قد يقول إنسان: كيف نفرق بين المتشدد وغير المتشدد؟ المتشدد يوزن بنماذج: أول هذه النماذج: العلماء في الأمة -ولا تخلو الأمة من علماء- العلماء في الأمة هم النموذج، فمن زاد على هديهم وسمتهم في الأحكام وفي الهدي والسلوك إلى حد فيه عنت وإرهاق للآخرين، أو مصادمة لما عليه أهل العلم فهذا متشدد، فهم القدوة.
كذلك من علامات التشدد: إيقاع المسلمين في العنت والحرج في أمور دينهم، وأقصد المسلمين الذين هم على السنة لا عبرة بالفساق وأهل الفجور، لكن من هم على اعتدال وعلى سنة وأوقعهم في حرج في دينهم، أو شدد عليهم، ولم يسلك مسلك التيسير في أمورهم التي يضطرون إليها فهو متشدد.
ومن علامات التشدد: التسرع في إطلاق الأحكام، بمجرد ما يسمع قضية أو حادثة أو خبر يحكم على صاحبها غيابياً، أو يحكم قبل أن يتثبت، أو يحكم باللوازم، كأن يقول: إذا كان فلان قد قال كذا فهو كذا بدون نقاش، مثل قولهم: من لم يُكفر فلاناً فهو كافر، سبحان الله ربما ما تبين له كفر فلان، وهكذا من نزعة إطلاق الأحكام والإلزامات في الأقوال.
وأيضاً: الإكثار من التكفير الخارج عن سمت العلماء وعن رأيهم، هذا معلم بارز من معالم التشدد.
إذاً: التشدد والتعمق في الدين هو سبب رئيس من أسباب الافتراق، وهو الذي افترقت به الخوارج عن الأمة.