أما الوقفة الأولى: ففي مفهوم هذه الصحوة.
الصحوة: مصطلح جديد فرض نفسه على الناس، والصحوة في اللغة مأخوذة من الصحو، وهو: ترك الباطل، أو ترك الصبوة، أو ذهاب السكر.
والصحوة أيضاً: تطلق على ذهاب الغيم، يقال: أصحت السماء بمعنى: انقشع عنها الغيم، أو نحوه مما يحجبه.
ويقال: صحا فلان من نومه أي: أفاق.
فالصحوة أيضاً بمعنى: الإفاقة من الغفوة والنومة والغفلة.
أما في الاصطلاح: أي: فيما هو معهود عند الناس اليوم فإن الصحوة بالاصطلاح المعاصر تعني: عودة شباب هذه الأمة بخاصة إلى دين الله تعالى، كما أنها تعني إفاقة المسلمين بعامة من غفوة الجهل والفرقة، وهيمنة البدع والمحدثات والشركيات.
كما أنها تعني أيضاً: الإفاقة من سكرة الذل والتبعية والهوى.
أو هي: محاولة العودة إلى السنة والجماعة وتجديد الدين بالمعنى الشرعي الصحيح بعد الغربة التي هيمنت على الإسلام والمسلمين في العصور المتأخرة.
والصحوة هي: وعد الله الذي لا يخلف، وهي قدر الله الذي لا يرد؛ لأنها مقدمات الفتح بمعانيه الشرعية الشاملة، والله تعالى بشر رسوله صلى الله عليه وسلم بالصحوة الأولى حينما تمكن الإسلام من قلوب الناس في ذلك الوقت، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر:1 - 3].
وفي نظري أن التعبير عن نهضة المسلمين وعودتهم إلى دين الله بالصحوة تعبير سليم، وهو يقابل التعبيرات والإطلاقات السائدة إعلامياً والتي انطلقت من خصوم الدعوة في داخل العالم الإسلامي وفي خارجه، وهي: تلك التسميات التي تعني لمز الدعوة إلى الله، ولمز الرجوع والعودة إلى الإسلام.
من هذه الإطلاقات الشنيعة: إطلاق كلمة التطرف على الصحوة، أو إطلاق كلمة الأصولية، وإن كانت هذه الكلمة محتملة للمعنى الصحيح والمعنى الباطل، لكن الذين أطلقوها لا يريدون إلا المعنى الباطل.
كذلك: إطلاق وصف المعارضة على هذه الصحوة المباركة، كل ذلك من الإطلاقات الجائرة التي انساق معها كثير من خصوم الدعوة، ومن الإعلام في العالم الإسلامي مع إطلاقات الكفار فيها.