من المسلمات: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأصول والمسلمات الضرورية التي أوجبها الله عز وجل على جميع طوائف الأمة على الولاة وعلى العلماء، ثم على كل من الهيئات والمؤسسات وغيرها كل بحسبه، ثم على الأفراد، والدليل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على جميع الأمة بمجموع أفرادها، قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من رأى) وهذا يدل على الأفراد والجماعات: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه) لكن كما هو في جميع أصول الدين أن للتغيير شروطاً وضوابط وقواعد لا بد منها.
كذلك من الأدلة: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، هذا يدخل فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك.
أقول هذا؛ لأن بعض المتحذلقين خاصة من الذين لم يفقهوا الدين من المتعلمين والمثقفين وغيرهم يعتبرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ممارسات من بعض أهل الغيرة تتعلق بهوايات لهم، أو ممارسات شخصية أو اجتهادات فردية، أو أنهم احتسبوا هذا الأمر من عند أنفسهم، فلا شك أن هذا إخلال بأصل الدين، فإن الله عز وجل وصف الأمة بأنها خير أمة، قال سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [آل عمران:110].
وقال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران:104].
فإذاً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل وليس مجرد اجتهادات فردية، أو إرضاء لطائفة من الناس، أو مجرد إجراء رسمي تفرضه الدولة، إنما هو واجب على الجميع كل بحسب استطاعته، والإخلال به إخلال بأصل من أصول الدين.