تعريف التشبه بالكافرين

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل في كتابه الكريم: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120]، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل صلى الله عليه وسلم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)، والقائل صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم).

أما بعد: أيها الإخوة الكرام، فإن موضوع التشبه بالكافرين من أهم وأخطر الموضوعات، وقد اهتم بها الإسلام.

والنبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ الأمانة، وأدى الرسالة، ونصح للأمة، وحذرها في أحاديث كثيرة وفي مناسبات كثيرة من التشبه بالكافرين جملة وتفصيلاً، وقد وقعت طوائف من هذه الأمة في التشبه، لكن تختلف درجات وقوعها في هذا وخطورة هذا الأمر ما بين زمن وزمن، ولعلي لا أبالغ إذا قلت: إن التشبه بالكافرين الذي وقع فيه المسلمون في هذا العصر أخطر من أي تشبه وقع للأمة في أي عصر مضى، وهذا رغم خطورته أراه من أقل الموضوعات اهتماماً من قبل ذوي الشأن وذوي العلم، وأرى أن بيانه الآن للمسلمين من أهم الأمور ومن أهم الضرورات التي هي من واجبات طلاب العلم، وسأتناول موضوع التشبه بالكافرين من بعض الجوانب؛ لأن هذا الموضوع في الحقيقة متشعب وطويل، لكن يهمنا أن نفهم بعض الأصول والقواعد الضرورية التي ينبغي لكل مسلم أن يلم بها ليحذر من الوقوع في التشبه بالكافرين في عقيدة أو في عبادة أو في عادة أو في سلوك، ولعلي اقتصر على بعض الموضوعات التي يتسع لها الوقت، فأبدا بالموضوع الأول: وهو تعريف التشبه: التشبه لغة: مأخوذ من المشابهة وهي المماثلة والمحاكاة والتقليد.

والتشبيه: هو التمثيل، والمتشابهات: هي المتماثلات، يقال: أشبه فلان فلاناً، أي: ماثله وحاكه وقلده.

أما التشبه شرعاً -أي: الوارد النهي عنه في القرآن والسنة-: فإنه مماثلة الكافرين بشتى أصنافهم في عقائدهم وعبادتهم وعادتهم وفي أنماط السلوك التي هي من خصائصهم، وكذلك التشبه بغير الصالحين وإن كانوا من المسلمين كالفساق، والجهلة والأعراب الذين لم يكمل دينهم كما سيأتي بيانه.

إذاً: نستطيع أن نقول على سبيل الإجمال: إن ما لم يكن من خصائص الكفار ولا من عاداتهم ولا من عباداتهم ولم يعارض نصاً أو أصلاً شرعياً ولم يترتب عليه مفسدة فإنه لا يكون من التشبه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015