المقدم: كيف ينسب الأشعرية أنفسهم للشافعي، مع أن الشافعي من أكثر العلماء ذماً لأهل الكلام؟ الشيخ: بل السؤال أعمق ولعلي أصحح المسار لنختصر: المتكلمة الأشاعرة لماذا سموا أشاعرة انتساباً لمن؟ انتساباً لـ أبي الحسن الأشعري وهو على مذهب أهل السنة والجماعة.
المقدم: ألم يكن كلابياً مثلاً؟ الشيخ: لا، هو عاصر ابن كلاب وما التقيا، بل هو أقدم وأعمق في فهم الفرق والأهواء من ابن كلاب، والإمام الأشعري على مذهب أهل السنة والجماعة فضلاً عن الإمام الشافعي، فمن هنا تأتي المعضلة وهي الانتماء للإمام والانتساب إليه، في حين أنه ليس على دينهم، فكتبه موجودة، و (مقالات الإسلاميين) الذي هو للإمام الأشعري، وكذلك و (الإبانة) و (رسالة إلى أهل الثغر)، يوجد فيها بعض الثغرات التي خرج فيها عن السنة، وهي نزعات باقية من تبعيته الكلامية لـ ابن كلاب وغيره، لكن مع ذلك في الجملة فالإمام الأشعري على منهج السلف، ويثبت الصفات الذاتية والفعلية، إلا تأويلاته التي تعلقت بالكلام ومسائل معدودة عند أهل العلم فتُعتبر زلات عالم.
إذاً: ما دمتم أنتم تعتبون علينا اتباع محمد بن عبد الوهاب وتقولون: نحن ندفع المذاهب الأربعة نقول: الإمام محمد بن عبد الوهاب على مذهب الأئمة الأربعة وعلى مذهب الأشعري، وأتحدى أن يكون الأشاعرة أقرب من الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى الأشعري، بل هو أقرب إلى الأشعري بنسبة (90 %) أو أكثر.
المقدم: فعلاً الأشاعرة انحرفوا إلى مذهب المعتزلة؟ الشيخ: أي: متكلمة الأشاعرة؛ لأن المعاصرين الآن لا يتعمقون بالكلاميات، فهؤلاء -إن شاء الله- هم أقرب إلى السنة والفطرة، خاصة العوام منهم الذين لا يتعمقون في الكلاميات، أما متكلمة الأشاعرة فقد بعدوا، وأنا لا أدري لماذا جاء هذا الموضوع، لكن بمناسبة نسبة المذهب الخامس لدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب نقول: ليست مذهباً خامساً، بل هو يلتزم بمذهب الأئمة الأربعة، وهذه الدعوى من باب التشويه.
كذلك من الكذب قولهم: إن أئمة الدعوة يكفّرون بالذنوب، بل هم أبعد الناس عن التكفير بالذنوب، صحيح أنهم حازمون في الأحكام التي وصف الله عز وجل بها الكفار والمشركين، وحازمون في مسألة حماية العقيدة من غوائل الشرك والبدع، وهذا الحزم لا يطيقه بعض الناس، فيفسّره بأنه تشديد، ويفسّره بأنه تكفير، في حين أنهم أبعد الناس عن التكفير، خاصة الإمام محمد بن عبد الوهاب، فعنده ورع عن التكفير لم نجده عند كثير من أئمة السلف الأوائل.