المقدم: أيضاً من الدعاوى التي تُسمع أحياناً وصف السلف بالناصبة، لذلك نود أن نتعرف على الموقف الصحيح للسلف من أهل البيت رضوان الله عليهم، بالمقابل نريد أن نعرف أصل هذه الدعوى: هل أهل السنة والجماعة والسلف الصالح يُناصبون العداء لأهل البيت؟ الشيخ: على أي حال هذه الدعوى قديمة وجديدة إلى الآن تقال، ولما ظهرت طائفة من الأمة وفارقت الجماعة تغلو في آل البيت وتنزع إلى تقديسهم، وهي سمة موروثة من بعض الأمم القديمة، فالإسلام قام على أمم تحمل كثيراً من الاعتقادات والتقاليد الموروثة، ومن ضمنها بعض الدول الشرقية، مثل: دولة فارس وما حولها، كانت تحمل من ضمن عقائدها تقديس الملوك وتقديس علماء الدين، وتقديس أسر معينة، ويرون أنها تجري فيهم دماء القداسة والإلهية ووراثة النور والنبوة هكذا زعموا فلما انتقلت هذه الأمم إلى الإسلام عن جهل، وُجِدَ من صُنّاع الافتراق مثل: ابن سبأ من بذر بذرة تقديس طائفة من المسلمين؛ لتكون مناسبة للموروث الفارسي المجوسي، فبذر نزعة تقديس آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فمن هنا ظهرت طائفة تغلو في آل البيت بدرجات، منهم من يصل إلى حد الغلو الخفيف الذي هو تفضيل آل البيت على بقية الصحابة، وأعني: أئمة آل البيت على أبي بكر وعمر، مع أن لهم شيئاً من الفضل، لكن ليس فضلاً مطلقاً.
وطائفة أخرى صارت تسب بعض الصحابة من أجل ترسيخ تقديس آل البيت.
وطائفة ثالثة صارت تقدسهم إلى حد أنها تعتقد لهم بعض خصائص الربوبية أو كل خصائص الربوبية، فقد زعموا أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلههم وربهم في ذلك الوقت، وحرّقهم بالنار، لكن بقيت لهم أسلاف، ولكل قوم وارث، ولذلك لما حرقهم بالنار قالوا: لا يحرق بالنار إلا رب النار.
فالمهم هنا نشأت نزعة القديس، وجعلت من لم يسلك مسلك التقديس لآل البيت عدواً لهم، وهذه النزعة متطرفة أحدثت أقوالاً متطرفة كما هو معلوم، فالسلف رحمهم الله ابتداء من الصحابة حفظوا حقوق آل البيت التي أمر الله بها وأمر بها رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يزالون يحفظون لهم حقوقهم ويقدرونهم، وإن كان قد يوجد شيء من التقصير في الممارسات هذا أمر آخر؛ لأن بعض أهل الأهواء يستغل وجود بعض الجفاء ممن ينتسبون إلى السنة والجماعة مع آل البيت وعدم اعتبار قدرهم، وهذا الجفاء قد يكون أيضاً نتيجة رد فعل غير مباشر، لكن ليس منهجاً ولا ديناً، فالدين الذي ندين الله به أن لآل البيت حقاً خاصاً؛ ولذلك نصلي عليهم مع النبي صلى الله عليه وسلم دون بقية الصحابة، ونقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وهذه من واجبات الصلاة عندنا، ونكررها خمس مرات في اليوم وأكثر، والسلف حفظوا لآل البيت حقوقهم، ويقررون هذا في كتبهم، فلو جاء مدع وقال: أنتم لا تفعلون، فتشهد لنا كتبنا -كتب السلف- إلى يومنا هذا، فما من كتاب شامل في العقيدة إلا ويؤسس حقوق آل البيت.