المقدم: نجد أن مسألة التكفير قد يكون فيها شيء من النسبية، فهناك غلاة يكفّرون المعين بالشبهة أحياناً، يتساهلون في هذا الأمر، وهناك أهل إرجاء لا يرون التكفير أصلاً، خاصة تكفير أهل القبلة ونحو ذلك لا جملة ولا تفصيلاً، لذلك السلف حين يقررون هذه المسألة ويقولون: يُكفَّر المعين إذا توافرت فيه الشروط وانتفت الموانع.
والتكفير هو خاص لأهل العلم، تجد أن أولئك الذين لا يكفرون يقولون: أنتم تكفرون بهذا الاعتبار، هل هذا الاعتبار مبني على أصول شرعية، أم أن هذا الاعتبار الذي اتهموا به السلف هو من اجتهادات السلف المحض؟ الشيخ: على أي حال بهذه التوجهات المتضادة يتبين الحق والاعتدال، وما أرجفت به الاتجاهات العقلانية وبعض العلمانيين وبعض الليبراليين من اتهام المشايخ والعلماء والمتدينين بأنهم أصل التكفير، وأن منهج السلف وأئمة الدعوة المعاصرة أو دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي يسمونها الوهابية أنها هي أصل التكفير هذا بهتان، وعري عن أي دليل ولا حتى شبهة؛ لأنهم حينما يرون تكفير الكافر الذي كفّره الله يزعمون أن هذا ينسحب على بقية الخلق، وهذا جهل منهم أو تجاهل.
وحقيقة أن منهج أهل السنة والجماعة هو المنهج الحق الذي به يُعالج التكفير في مثل هذا العصر، فلو أن أصحاب هذه الاتجاهات بدل ما يضربون الأمة بعضها ببعض، ويلصقون التهم على العلماء في أنهم يكفّرون، لو أنهم انتزعوا الأحكام من عند العلماء في هذا التكفير ونشروها لقاموا بجهد عظيم، وأراحوا الأمة من مثل هذه الدوامة التي بها يكون الاتهام الجزاف.
أكرر مرة أخرى لخطورة الأمر: إن اتهام منهج السلف وعلماء السلف، وعلمائنا اليوم، ومناهجنا، وما نقوم عليه من أصول الحق التي ندرسها وندرّسها أجيالنا بأنها هي أصل التكفير هذا بهتان عظيم، والواقع خلاف ذلك، ولو أخذ الأمر بالتجرد والموضوعية والتقصي بالأرقام والإحصائيات لوجدوا أنهم بعيدون عن الحقيقة، وأن المنهج المعتدل هو منهج السلف التي تقوم عليه بلادنا بحمد الله، وتقوم عليه مناهجنا، وأنها هي العلاج للتكفير في العالم لو طُّبقت على الوجه الصحيح.