حكم اختلاف المطالع

وقد اختلف العلماء في اعتبار اختلاف المطالع, فالجمهور يقولون بعدم اختلاف المطالع, يعني: لو رئي الهلال في بلد من بلاد المسلمين وجب على كل المسلمين الصيام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، ووجه الدلالة: أن هذا أمر لجميع المسلمين, ولم يقيده بقيد, وهذا يتناسب مع عصرنا، ويسلم له الجميع، لكن إن نظرت فقهياً وجدت أن هذا القول ليس براجح, والراجح: هو اعتبار اختلاف المطالع, فكل بلد لها هلالها, فعندما ترى الهلال تصوم, وهذا القول أصوب, والخلاف فيه خلاف سعة ورحمة, فمن عمل بهذا القول أو بهذا القول فلا إنكار عليه.

والشافعية يقولون باختلاف المطالع، ويجعلون لكل بلد رؤية، ويستدلون بحديث كريب أنه ذهب إلى معاوية في الشام فرأى معاوية الهلال ليلة الجمعة، ثم رجع كريب بعدما انتهى من مهمته إلى المدينة فقابل ابن عباس فقال: رأيتم الهلال؟ قال: نعم، رأينا الهلال ليلة الجمعة فصمنا وصام معاوية , فقال ابن عباس: أما نحن فقد رأيناه ليلة السبت, وما زلنا نصوم حتى نراه أو نكمل الشهر, فقال له: ألا تتبع معاوية؟ فقال له ابن عباس: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهذا يجعل الحديث مرفوعاً حكماً للنبي صلى الله عليه وسلم, لأنه قال: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث يعتبر من المخصصات لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، فيكون معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته) أي: يا أهل البلد! إذا رأيتم الهلال فصوموا لرؤيته.

والشافعية أيضاً قالوا: البلدان اللذان في نفس القطر أو بينهما أقل من مسافة القصر رؤيتهم واحدة، وهذا هو الأفقه والأرجح فقهياً, لكننا نقول بقول الجمهور حتى تسلم الأمة من التشتت والتشرذم الذي هي فيه: وهو عدم اختلاف المطالع, فأي بلدة رأت الهلال لزم الجميع أن يصوم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015