حكم الكبير العاجز عن الصوم

وصوم الكبير أو الشيخ الهرم الأصل فيه قول الله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184]، وقد اختلف الفقهاء في حكمه على قولين: القول الأول: قول المالكية: ليس عليه صوم ولا كفارة، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] , وقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16]، وهذا الشيخ الكبير الهرم لا يستطيع الصوم فيسقط عنه الفرض.

القول الثاني: قول جمهور أهل العلم: أن الكبير يفطر وعليه فدية عن كل يوم يطعم مسكيناً, قال سلمة بن الأكوع في هذه الآية: هذا منسوخ, وقد كان المرء يخير بين أن يصوم أو يطعم, فنسخت بقول الله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:185]، وقال ابن عباس: هي لم تنسخ، بل هي باقية على الشيخ الكبير الهرم, يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً, وكان أنس رضي الله عنه وأرضاه بعدما كبر سنه يجمع ثلاثين مسكيناً ويطعمهم.

والصحيح: أن الكبير الهرم يطعم عن كل يوم مسكيناً، والمالكية يقولون: لا يطعم ولا يصوم, فقد سقط الفرض عنه, وشيخ الإسلام ابن تيمية كثيراً ما يتأثر بأصول مالك , فمثلاً يقول: إن لم يستطع المريض أن يصلي قائماً فليصل قاعداً, فإن لم يستطع أن يصلي قاعداً فليصل على جنب, فإن لم يستطع سقطت عنه الصلاة, جرياً على أصول مالك , فهو كثيراً ما يتبع أصول مالك ويرجحها, وتكون رواية لـ أحمد تابعة لأصول مالك , وفي كتاب البيوع ترى ترجيحات شيخ الإسلام ابن تيمية كثيراً متأثرة بأصول مالك.

والجواب عن المالكية أن نقول في قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] إننا نقول بذلك، فالشيخ الكبير تسعه الفدية، وأيضاً نقول: الصوم هو أصل الفرض، لكن على الكبير ليس بأصل الفرض, فأصل الفرض على الكبير هو: الإطعام لا الصوم على خلاف فقهي مشهور، لكن هذا هو الراجح الصحيح, فتسقط عنه المطالبة إذا أطعم عن كل يوم مسكيناً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015