وهناك شيء معلوم، وهو أن المحدثين رووا عمن يوصفون بأنهم شيعة، إذا كان الأمر كذلك فكيف يكون هذا شأنهم وأصحاب الحديث يروون عنهم؟ أورد الذهبي رحمه الله سؤالاً وأجاب عليه فقال: (فإن قيل: كيف ساغ توثيق مبتدع وحد الثقة العدالة والإتقان، فكيف يكون عدلاً من هو صاحب بدعة؟!
و صلى الله عليه وسلم أن البدعة على ضربين: فبدعة صغرى، كغلو التشيع، أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرق، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق، فلو رُدّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بينة.
ثم بدعة كبرى: كالرفض الكامل والغلو فيه، والحط على أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة.
وأيضاً فما أستحضر الآن في هذا الضرب رجلاً صادقاً ولا مأموناً، بل الكذب شعارهم، والتقية والنفاق دثارهم، فكيف يقبل نقل من هذا حاله؟ حاشا وكلا! فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هو من تكلم في عثمان وطلحة والزبير ومعاوية، وطائفة ممن حارب علياً رضي الله تعالى عنهم، وتعرض لسبهم، والغالي في زماننا وعُرْفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة ويتبرأ من الشيخين أيضاً، فهذا ضال مفتر).
انتهى كلام الذهبي.
قلت: ومن المحدثين الذين وصفوا بالتشيع: الفضل بن دكين (أبو نعيم) شيخ البخاري، قال الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح: والثناء عليه في الحفظ والتثبت يكثر، إلا أن بعض الناس تكلم فيه بسبب التشيع، ومع ذلك فصح أنه قال: ما كتبت علي الحَفَظَة أني سببت معاوية.
ومنهم: محمد بن فضيل بن غزوان الكوفي قال عنه الحافظ في المقدمة: قلت: إنما توقف فيه من توقف لتشيعه، وقد قال أحمد بن علي الأبار حدثنا أبو هاشم: سمعت ابن فضيل يقول: رحم الله عثمان، ولا رحم الله من لا يترحم عليه.
قال: ورأيت عليه آثار أهل السنة والجماعة رحمه الله.