قال: [وتجب إقامة الحد ولو كان من يقيمه شريكاً في المعصية]، يعني: لا تقل إني قد شاركته في المعصية فلا أقيم عليه الحد، بل يقام عليه الحد، ولو كان هذا الذي يقيمه عليه شريكاً له، بعض الناس يقول: إننا كذلك نفعل هذا الأمر، نقول: وإن كنت تفعله فأنكر على من يفعله؛ لأنك إذا لم تنكر على من يفعله كنت في أحط الأمور الثلاثة؛ لأن الناس منهم من يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويجتنبه، وهذه المرتبة العليا، ومنهم من يأمر بالمعروف ولا يأتيه، وينهى عن المنكر ويأتيه، لكن حاله ليست كحال المرائين، بل يرغب بالتوبة ويأمل الرجوع إلى الله جل وعلا، لكن نفسه تغلبه.
والمرتبة الثالثة: هي أن يأمر بالمنكر ويأتيه، وينهى عن المعروف ولا يأتيه، وهذه أقبح هذه الأحوال، فالله جل وعلا عندما قال: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:44]، أراد سبحانه وتعالى -كما قرر غير واحدٍ من أهل العلم- أن تكون حال المؤمن في الحالة العليا التي تقدم إيضاحها.