قال: [والمفارقة في الحياة]، هذه المعتدة الثانية، وهي المفارقة في الحياة بطلاق أو خلع أو فسخ.
قال: [لا تعتد إلا إن خلا بها] أي: ولو لم يطأها، وهذا هو قضاء الخلفاء الراشدين كما تقدم هذا في كتاب الصداق.
فإذا خلا بها فإنها تعتد منه، فإذا عقد ولم يخل بها فإنها لا تعتد.
إذاً: لا يشترط الوطء، بل إذا خلا بأن أغلق الباب أو أرخى الستار فإنها تعتد ولو لم يطأ، ولو كانت حائضاً أو محرمة.
والصداق أيضاً يكمل كما تقدم شرح هذا في كتاب الصداق، وهو مذهب جمهور العلماء وعليه آثار الصحابة.
قال: [أو وطئها وكان ممن يطأ مثله ويوطأ مثلها، وهو ابن عشر وبنت تسع].
ابن عشر سنين هو الذي يطأ مثله كما تقدم، وبنت تسع هي التي يوطأ مثلها، قالوا: فلو أن ابن تسع سنين وطأ بنت ثمان لم يثبت الحكم بهذا الوطء، لأنه لا يثبت هذا الحكم إلا إذا كان هو ممن يطأ مثله وكانت هي ممن يوطأ مثلها.
إذاً: إذا خلا بها ثبتت العدة وإن وطئها فهذا أولى، ولكن إذا كان هو ممن يطأ مثله وهي ممن يوطأ مثلها، بأن تكون هي بنت تسع ويكون هو ابن عشر.
قال: [وعدتها إن كانت حاملاً بوضع الحمل].
كل حامل عدتها بوضع الحمل؛ لأن الله جل وعلا يقول: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4].
هذا رجل تزوج امرأة وخلا بها ثم طلقها، فعدتها بوضع الحمل، فإن طلقها قبل أن يخلو بها فليس لها عدة، ولذا قال الله جل وعلا: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب:49] وقلنا: إن الصحابة قد أقاموا الخلوة مقام الوطء؛ لأن الخلوة مظنة الوطء.
ثم قال: [وإن لم تكن حاملاً فإن كانت تحيض فعدتها ثلاث حيض إن كانت حرة، وحيضتان إن كانت أمة].
إذا لم تكن هذه المطلقة حاملاً فإن عدتها إن كانت تحيض بثلاث حيض، قال جل وعلا: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:228].