والجانب الثاني: الثناء عليه سبحانه، لأنه أهل للثناء وأهل للمدح، ومن أدب النبوة في الدعاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل أن يدعو يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك) ويسن للذي يدعو أن يقول قبل ذلك: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، ثم يبدأ في الدعاء، ثم عندما ينتهي من الدعاء يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وثق تماماً أن أي صيغة من الصلوات على رسول الله مقبولة عند الله، فالله تعالى يقبل الصلاة الأولى وقبل الصلاة الأخيرة، وهو أكرم من أن يدع ما بينهما ما دام الدعاء ليس بإثم ولا قطيعة رحم.
والثناء على الله عز وجل لا يستوجب الثناء اللساني فقط، وإنما يستوجب أيضاً الشكر من جنس النعمة، فشكر الأموال الكثيرة الصدقة، وشكر العالم الذي أعطاه الله علماً أن يزكي عن العلم، فشكرك من جنس النعمة التي أنعم الله عليك بها، وهكذا ونحن بفضل الله أهل علم ولو علماً قليلاً، فالله ربنا أعطانا الفاتحة وبعض من آيات الله، وهناك من أكرمه ربنا بحفظ القرآن، وهناك من أفهمه ربنا القرآن، وهكذا، وقد قال الحكيم العربي: قال حمار الحكيم توما لو أنصف الدهر كنت أَركب فإنني جاهل بسيط وصاحبي جهله مركب أي: لو أن الدنيا تمشي بشكل صحيح كان من الواجب أن الحمار يركب فوق راكبه، والراكب يصير مركوباً، لأن الحمار جاهل بسيط، فجهله على قدره، وصاحبه جاهل جهلاً مركباً، فالجاهل الجهل المركب جاهل ويجهل أنه جاهل، فإذا أتيت تكلمه في الدين مثلاً قال لك: أنا فاهم كل شيء، وأنا عارف كل شيء، فهذا جاهل جهلاً مركباً، فهو لا يدري ولا يدري أنه لا يدري.