الكفاءة

قال عليه الصلاة والسلام: "إذا وسد- أسند- الأمر إلى غير أهله، فانتظروا الساعة). ينبهنا هذا الحديث العظيم إلى علة مبيدة متلفة، من عللنا الاجتماعية المختلفة وهي قيام نهضتنا على جهاز تندس فيه بعض العناصر التي لا تصلح لأن تكون في الأساس لأن الأساس يجب أن يتكون من حجارة قوية صلبة تثبت لما يقوم عليها من بناء، وإلا تضعضع البناء ثم انهار، وأدركه الدمار.

لذلك نرى المجتمع الإسلامي الأول قد قام على دعائم ثابته قوية، من أمثال إلى بكر وعمر وعثمان، وعلي وباقي العشرة المشهود لهم بالجنة وما ثبتت لهم شهادة الصادق الأمين بالجنة، حتى ثبتوا معه، ثبوت الأطواد في إقامة دعوته على دعائم ثابتة، راسخة، ضمنت لها الخلود والبقاء، ومن أحق بالجنة من هؤلاء الذين تكونت منهم أسرة الإسلام الأولى؟.

هذه العلة تولدت من علل أخرى كثيرة، أبرزها تلك العلة الفاتكة، التي خصصنا لها الفصل السابق، وهي: الغرور ولا عجب فالعلل تتوالد، كما تتوالد الجراثيم.

فهذا الغرور زين لكثير من السطحيين وبسطاء التفكير، أن يبرزوا في الميدان ويزاحموا بمنكبهم الضعيفة، ذوي المناكب القوية، في تشييد صرح النهضة وإقامه أساسها ويمكننا أن نسمي هذا النوع من الغرور تطفلا، إذ يحمل أصحابه على التطلع لمراتب لم يخلقوا لها، ويوحى إليهم بالتطاول إلى مقامات ليسوا من أربابها، ومن ثم يمكننا كذلك أن نسميه تنطعا، والتنطع أن تتكلف ما لا تحسن، أو ما لا يتسع له طوقك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015