وجديد، وبين قديم، وقديم، على مقتضى القاعدة الإسلامية السابقة، فثم أشياء تبقى جديدة، ولو عمرت أمادا مديدة، كالعفة والإنصاف، والغيرة، والحياء، فإذا طغى تيار المدنية الغربية فجرف كل شيء، فإن أمثال هذه الصخور الضخمة تبقى ثابته تتحدى كل تيار، وتشير إلى ضعف الإنسان، وانهزامه أمام مغريات الحياة وتعلن عن أصالة أهداف الإسلام، فإذا رأينا رجل الغرب يتحلب ريقه كلما تراءى له شبح شهوة، وربما بلغ به إلحاح الرغبة في الوصول إلى هذه الشهوه أن ينتحر إذا رآها قد افلتت من يده، فيجب أن نتماسك ولا نندفع في التيار متأثرين برجل الغرب في رغائبه الحيوانية التي لا تعترف بالحدود، بل علينا أن نتشبث بذلك الحبل الوثيق الذي أرشدنا إليه القرآن بأن نقول- كلما لوح لنا الشيطان بشهوة محرمة-: {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}، فتلك هي العفة التي لا تتأثر بقديم ولا بجديد،- بل تبقى خالدة تشير إلى ميزة الإنسانية الخالدة، وإذا رأينا رجل الغرب لا يعرف للإنصاف معنى، ولا يحس لغيره وجودا وينفق كل عمره في اختراع الوسائل التي يجعل بها أحرار الناس عبيدا وأدوات يستغلها لأغراضه، فلا نقل: أن مسايرتنا لجيراننا وأبناء عصرنا تقتضينا أن نكون أنانيين استغلاليين مثلهم، ولا نقل: ذلك هو جديد في هذه الأيام، بل يجب أن نقول: إن هناك شيئا يسمى إنصافا، وإن هذا الشيء يبقى جديدا لا يؤثر فيه مرور الزمن لأنه يشير إلى ميزة أصيلة في الإنسان تفصله عن الحيوان، وإلا فلا فرق بين الإنسان والحيوان، وإذا رأينا رجل الغرب تسمح نفسه بأن يترك امرأته أو ابنته تسهر الليل إلى ساعة متأخرة، حيث تشاء ومع من تشاء، فيجب أن تستيقظ في نفوسنا غريزة تسمى الغيرة، جعلها الله من مميزات هذا الإنسان، وجعلها رسول الإنسانية الأعظم صلى الله عليه وسلم- من خصائص الإيمان إذ قال: "لا إيمان لمن لا غيرة له"، بل جعلها مفتاح الدخول إلى الجنة إذ قال: "مكتوب على باب الجنة: لا يدخلها ديوث"، وإذا رأينا الإختلاط سنة المجتمع الأروبي ورأينا رمال الشاطىء تجمع بين الشبان والشابات في عري فاضح، واستهتار شنيع، فيجب أن لا ننسى أننا مسلمون، وأن نبي الإسلام- عليه الصلاة والسلام- يقول: "الحياء هو الدين كله".

وبالجملة، يجب أن يكون رائدنا دائما، هو المفيد النافع قديما كان أو جديدا. وتلك هي وجهة نظر الإسلام في الموضوع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015