بريد الشيطان

جاء رجل إلى وهب فقال له: إن فلانا شتمك، فقال له: أما وجد الشيطان بريدا غيرك؟ وجاء آخر إلى عمرو بن عبيد فقال له: إن الأسواري لم يزل يذكرك ويقول: الضال، قال عمرو: يا هذا والله ما رعيت حق مجالسته إذ نقلت إلينا حديثه، ولا رعيت حقي حين أبلغتني عن أخي ما أكرهه، إعلم أن الموت يعمنا، والبعث يحشرنا، والقيامة تجمعنا والله يحكم بيننا.

ورفع إنسان رقعة إلى الصاحب بن عباد يحرضه فيها على أخذ مال يتيم- وكان له مال كثير- فكتب على ظهر الرقعة: النميمة قبيحة، وإن كانت صحيحة، والميت رحمه الله، واليتيم جبره الله، والمال ثمرة الله، والساعي لعنه الله.

وزار بعض السلف أخا له صالحا، فذكر له عن بعض إخوانه شيئا، فقال له: يا أخي أطلت الغيبة وأتيتني بثلاث جنايات، بغضت إلي أخي، وشغلت قلبي بسببه، واتهمت نفسك الأمينة.

نسوق هذه الأمثلة الرائعة الأسلوب، السامية الحكمة، إلى أولئك الذين يحلو لهم أن يوقدوا نار الفتنة بين الأخ والأخ، والجار والجار، والعشيرة والعشيرة، والجماعة والجماعة ثم يقفون بعيدا عن مواقع اللهب متفرجين على الأخ يشتم أخاه، والجار يضرب جاره، والعشيرة تخاصم العشيرة، والجماعة تقاتل الجماعة.

والعجب أن هؤلاء الذين يقومون: بهذه (المهمة) ويؤدون هذه (الوظيفة) لا يرجون من ورائها مغنما، وإنما يقومون بها احتسابا للشيطان، لأنهم كما سماهم وهب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015