إن في عرض أمثلة من أمجاد المرأة المسلمة في تاريخها الذهبي لحفزا لهمة المرأة المسلمة في العصر الحاضر ودفعا لها في طريق الكمال الإنساني المنشود، وما زال تاريخ البطولات قدوة صالحة ونموذجا حيا يحتذى ويسير فيه الخلف على آثار السلف، ولاسيما بعد أن عرضنا أمثلة للمرأة المسلمة في عصرها الحاضر، فنتيح لها بذلك فرصة المقارنة بين ما كانت عليه وبين ما آلت إليه، فتعرف هل تقدمت إلى الأمام خطوات، أم عادت إلى جاهلية شر من جاهليتها الأولى وأحط دركات، وإلى القارئين والقارئات هذه الروائع الخالدات:
سافر أبو طلحة وترك ولده مريضا ولما عاد من سفره وجد زوجته الرميصاء أم سليم تستقبله في حنان وتقدم له الطعام، ولكن لهفته على صبيه لم يشغله عنها كلام ولا طعام، فسأل زوجته وهو لم يفرغ من الطعام: كيف الغلام؟ فلم تشأ أن تسرع إليه بما يدخل الكآبة عليه، قبل أن يصيب من الطعام ما هو في حاجة إليه، فقالت:- وهي تغالب الآنفعال-: بأحسن حال ولله الحمد، ثم قامت إلى بيتها وأعدت نفسها لزوجها المحبوب خير إعداد، حتى نبهت ما كان غافيا من غرائزه وغلبته عواطفه وبلغ من ذلك ما أراد، ثم جلسا للحديث فقالت له: زوجه- تمهيدا للخبر الفاجع-: ألا تعجب من جيراننا؟ مال: ما لهم!؟ قالت: أعيروا عارية فلما طلبت منهم جزعوا، قال: بئس ما صنعوا، قالت: هذا ابنك كان عارية من الله تعالى وإن الله قد قبضه إليه، فلم يزد على أن قال: الحمد لله، إنا لله وإنا إليه راجعون.