أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} إن المراد بأولي الأمر هم العلماء العاملون، وبه قال مالك رضي الله عنه.
أيها العالم:
إن الخير أو الشر يبدأ منك كما يبدأ الصفاء أو الكدر من أول النهر وأعلاه، فلا تكن سبب بلاء على أمتك.
أيها العالم:
إن العلم وسيلة وإن الغاية هي تقوى الله ولذلك بدأ القرآن بالأمر بالقراءة،
ولم يبدأ بالأمر بالتقوى لأنها وسيلة لا لأنها أشرف من التقوى، كما بدأ بالجهاد بالمال ولم يبدأ بالنفس عندما قال: {جَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} لا لفضل المال على النفس، ولكن لأن المال وسيلة، ولأن المال قوام الأعمال، وختم القرآن بالأمر بالتقوى لأنها الغاية وهي قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} في قول من يقول: هي آخر ما نزل من القرآن وأن الله قال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ولم بقل: إن أكرمكم عند الله أعلمكم، فإذا لم ينفعك علمك ولم يعصمك من شهواتك وأهوائك، وهي أخطر من أعدائك كنت كمن بيده سلاح لا يدافع به عن نفسه وهو في معمعة الحرب وأعداؤه تحيط به من كل جهة.
أيها العالم:
إن الله يقول: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} هكذا بأداة الحصر، فكأنه
يقول: إن الذي لا يعرف الله لا يخشاه وهو كذلك، فخشية الله ثمرة معرفته ولذلك كلما دعانا القرآن إلى النظر والتفكر في آيات الله ختم ذلك بمثل قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ومعنى ذلك أن النظر فيما خلق الله يعرفك بالله فتتقيه وتخشاه، وقد ضرب الله مثل من يعلم ولا يعمل بمثل الحمار الذي يحمل الكتب في أن كلا منهما غير مستفيد مما يحمل إذ قال: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}