عاد الحجاج، ولكن بأي شيء عادوا كما يقول زميلنا الشيخ عبد اللطيف
سلطاني في إحدى مقالاته؟ وهي كلمة لها أهميتها، وأرى أن يجعلها كل حاج نصب عينيه، لأن الأعمال بالخواتم كما قال عليه الصلاة والسلام، بل إنه ليقول: (لا تنظروا إلى عمل عامل حتى تنظروا بم يختم الله له).
إن زيارة بيت الله الحرام وروضة رسول الله عليه الصلاة والسلام- هي بمثابة
تجديد العهد لله ولرسوله بالرجوع إلى تعاليم الإسلام، أو هي بمنزلة التوبة تعلن في البقعة التي ثبت فيها الإسلام، وأشرقت عليها شمس الإسلام، فالرجوع بعد ذلك إلى الركض في ميادين المعاصي والمخالفات إنما هو كالنقض للعهد، والنكث للبيعة وهو أقبح ما يأتيه عاقل يعرف ما يأتى وما يدع، ويدرك ماله وما عليه، لأن هذا النكوص منه كالهدم بعد البناء والنكث بعد الغزل، والله تعالى يقول: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا}.
وإن قول المؤمن لربه أمام بيته وقد تجرد من متاع الدنيا إلا مما لابد منه:
لبيك اللهم لبيك، هو- أيضا- كالبيعة في العنق، فكيف يقول بعد ذلك للشيطان: لبيك كلما دعاه إلى باطل أو أغراه بمنكر، غير ملتفت إلى ما أعطى من عهد وعقد مع الله من عقد، فيبطل بدايته بإفساد نهايته، والله تعالى يقول: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}؟
إن هذه الكلمة (بما عاد الحجاج)؟ كلمة في الصميم يجب أن يتخذها
المسلم الصميم شعارا لنفسه، ومقياسا لبني جنسه من هؤلاء الذين يعودون من حجهم.
بل إن كثيرا من حجاجنا يجب أن نقول فيهم بما ذهبوا؟ لأنهم- دون
خدش في كرامتهم- لا يعرفون ما هو الحج وما هي حكمته والغاية منه، وإن لما اتسم