حول سفر الحجاج

كنت قريبا من شابين مثقفين يتحدثان بإزاء إحدى السيارات التي تنقل وفود الحجاج إلى البقاع المقدسة- عندما جئت لتوديع صديق من بينهم- وكان حديث الشابين يتناول موضوع هؤلاء الحجاج وتهافت أكثرهم على فريضة الحج دون غيرها مما قد يكون أوكد منها وأحق بالأداء فقلت: هذا موضوع طريف لا أبخل به على القراء الكرام.

قال أحد الشابين: ألا ترى- ياصاحبي- إلى هذه القطعان البلهاء من أبناء

وطنك كيف يتدافعون تدافع أمواج اليم حول هذه السيارة التي وقفت تنتظرهم لتحملهم كما تحمل البضاعة الرخيصه إلى أراضي الحجاز النائية؟ فأجابه الشاب الثانى مؤنبا: دع عنك هذا الكلام وطهر لسانك من الوقوع في أعراض ضيوف الله ووفود البيت الحرام، وماذا عليهم في القيام بشعيرة من شعائر الإسلام؟

- الأول: لا يا سيدى إن أكثر هؤلاء لا يفقهون معنى لشعائر الإسلام، وهب

أنهم على أتم علم بها أليس في شعائر الإسلام ما هو أحق بالتقديم وأولى بالعناية ولاسيما في بلد كهذا لم يزل في بداية الطريق ولم يزل يعيش بمعزل عما تتمتع به سائر الأمم من حياة العزة والكرامة، وهذه الأموال الطائلة التي يبعثرها هؤلاء السذج البسطاء لو جمعت في كل عام لأنقذت هذه المشاريع الضرورية من الموت الزؤام؛ وإنك لو سألت واحدا من هؤلاء المغفلين مائة فرانك لبناء مدرسة حرة يتعلم فيها أبناؤه لما أجابك إلا بالرفض المشفوع بالآنتهار أو بالشكوى من الافتقار.

- الثاني: ولكن لا تنس أن أهل تلك البقاع قد جعل الله أقواتهم من أموال

هؤلاء البسطاء الأغرار، لأن جيران البيت الحرام يقيمون بواد غير ذي زرع وإن في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015