وسرعان ما فقدت كندة بعد ذلك استقلالها، ونعرف من نقشي "جام 660، 665" أنها أصبحت تابعة لدولة "ملك سبأ وذى ريدان وحضرموت ويمنت"، وأن "شمر يهرعش" قد عين عليها واليا من قبله، رفعت درجته في عهد "ياسر ينعم" إلى درجة "كبير"، وهي من أعلى الوظائف في ذلك العهد1.
وأما أقدم من تحدث عن كندة من الأغارقة والرومان، فهو "نونوسوس" وقد دعاها "Kindynoi"، كما ذهب إلى أنها -وكذا قبيلة معد- من أشهر القبائل العربية، وأن حاكمها على أيامه إنما هو "قيس" "2Kaisos"، وربما كان آخر مرة يرد فيها اسم كندة في النقوش العربية الجنوبية، إنما كان في نقش أبرهة من القرن السادس الميلادي3.
ويذهب الأخباريون إلى أن جماعات من كندة قد غادرت مواطنها في النصف الأول من القرن الرابع الميلادي، واتجهت شمالا حتى نزلت في مكان دعي فيما بعد "غمر كندة" أو "غمر ذى كندة" وهي أرض لبني جنادة بن معد في نجد، وتقع وراء "وجرة" على مسيرة يومين من مكة "باقوت 4/ 212" على أن الأخباريين غنما يختلفون في أسباب هجرة الكنديين إلى الشمال، فذهب فريق إلى أن السبب كان حربا استعر أوارها بين حضرموت وكندة، ثم طال أمدها حتى كادت أن تقضي على الكنديين، ومن ثم فقد اضطروا إلى النزوح إلى الشمال، فرارا بأنفسهم من الفناء4.
ويرى آخرون أن السبب إنما كان لأن "حسان بن تبع" كان آخا لحجر آكل المرار من أمه، وأن "حسان" كان قد دوخ بلاد العرب وسار في الحجاز "ربما حوالي عام 480م"، وعندما أراد العودة إلى اليمن ولى أخاه حجرا على معد بن عدنان كلها، فنجح في ولايته، وأحسن السيرة في رعيته حتى لم يرضوا به وبا له