نفسها، فبدأ الرومان بدورهم يسخرون من القيصر الذي عجز عن التغلب على امرأة في مدينة صحراوية، وهناك رواية تذهب إلى أن القيصر قد كتب إلى مجلس الشيوخ يقول: "قد يضحك مني بعض الناس لمحاربتي امرأة، ألا فليعلموا أن الزباء إذا قاتلت كانت أرجل من الرجال"1.
ويعرض القيصر على الزباء التسليم بشروط معتدلة، وترفض الملكة العربية العرض بإباء وشمم، مذكرة إياه بأنها تفضل كيلوبترا على عار الاستسلام له، وأنها سوف تلقنه درسا قاسيا على جرأته على الكتابة إليها، طالبا منها الاستسلام، عندما يحين الوقت، ويأتي إليها أعوانها من الفرس والعرب والأرمن، ومن أسف أن الملكة انتظرت، وطال انتظارها، وأخيرا أدركت أنها تحارب في معركة خاسرة، ومن ثم فقد قررت أن تذهب بنفسها إلى ملك الفرس، فخرجت ليلا على هجين سريع تبغي حصنها "زنوبيا"، ثم تعبر الفرات من هناك إلى فارس، إلا أن الأقدار أبت أن تكتب لها أي نجح في إثرها، فقبضت عليها، وهي تهم بركوب زورق ينقلها إلى الشاطئ من الفرات، وهكذا فقدت الزباء الأمل في نصرة الفرس لها، كما فقدت ابنها، وهو يذود عن حياض بلاده2.
وهكذا لم يصبح أمام تدمر سوى الاستسلام، ومن ثم فقد فتحت أبوابها في أوائل عام 273م لقيصر روما، فدخلها أورليان دخول الفاتحين، كما جردها من تحفها الثمينة التي أخذ بعضها لتزيين معبد الشمس الجديد في روما، واقتصر عقاب السكان على فرض غرامة مالية عليهم، وتعيين حاكم روماني، مع عدد من الرماة، وهكذا عادت تدمر إلى حظيرة الإمبراطورية الرومانية، بعد أن شقت عصا الطاعة، منذ أسر فالريان في عام 260م3.