ولا ريب في أن هذا زعم مكذوب من أساسه -الأمر الذي سوف نناقشه بالتفصيل عند الحديث عن المدينة المنورة- وعلى أي حال، فإن موسى إنما كان يعيش في القرن الثالث عشر ق. م، وأنه خرج بالإسرائيليين من مصر حوالي عام 1214ق. م، كما حددنا ذلك في كتابنا إسرائيل1.
والرأي عندي أن تاريخ مكة إنما يرجع إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر قبل الميلاد، ذلك أننا نعرف -تاريخيًّا ودينيا- أن الخليل عليه السلام، قد أتى بولده إسماعيل وزوجه هاجر من فلسطين، وأسكنهما هناك في هذه البقعة المباركة2، طبقًا لصريح القرآن الكريم، حيث يقول {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ 3 تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} 4، وإذا ما تذكرنا أن الخليل عليه السلام، كان يعيش في الفترة "1940-1765ق. م"5، وأنه قد رزق بولده إسماعيل، وهو في السادسة والثمانين من عمره6، فإن إسماعيل يكون قد ولد حوالي عام 1854ق. م، ولما كان قد عاش 137 عامًا7، فإنه يكون قد انتقل إلى جوار ربه الكريم، حوالي عام 1717ق. م، ومن ثم فإنه قد عاش في الفترة "1854-1717ق. م" وإذا كان صحيحًا ما ذهب إليه بعض المؤرخين من أنه قد شارك أباه