"ثانيًا" أن قبيلة شمعون هذه كانت أضعف القبائل الإسرائيلية حتى عشية موت سليمان، عليه السلام، في عام 922ق. م، وانقسام الدولة بعد ذلك مباشرة، إلى يهوذا وإسرائيل، ويكاد يجمع المؤرخون اليهود أنفسهم على أن قبيلة شمعون إنما كانت دائمًا وأبدا تعيش على هامش القبائل الإسرائيلية، وأنها أبدًا لم تحتل المكانة التي تجعلها تقوم بدور مستقل في العصر التاريخي الإسرائيل1، فضلا عن أن تقوم بهجوم ساحق على بلاد العرب وتستولي على مكة.
ومنها "ثالثًا" أن التوراة نفسها تكاد تتجاهل سبط شمعون، دون غيره من أسباط إسرائيل، ربما لضآلة شأنه، حتى إنها لا تكاد تتعرض لذكر هذا السبط، إلا عند دخول بني إسرائيل أرض كنعان2، وإلا بعد طلب يهوذا3، ثم مرة أخرى، عند رحيله من جنوب يهوذا إلى واحة معان، في أخريات القرن الثامن وأوائل القرن السابع ق. م، كما أشرنا من قبل، مما دفع بعض الباحثين إلى أن يذهبوا بعيدًا، فيرون أن سبط شمعون لم يكن له وجود في عالم الحقيقة4.
ومنها "رابعًا" أن هذا الرأي إنما يؤمن بغير حدود بما ذهب إليه بعض المستشرقين من أن الخليل عليه السلام، لم يذهب إلى الحجاز، وبالتالي لم يقم مع ولده إسماعيل ببناء الكعبة، وهو زعم لا يعتمد إلا على التعصب ضد العرب، وعلى معارضة الحقائق التاريخية، فضلا عما جاء في القرآن الكريم بشأن هذه الأحداث الثابتة5، ومنها "خامسًا" أنه يتأخر بتاريخ مكة المكرمة، قرابة قرون تسعة.
وهناك رواية إخبارية يزعم أصحابها أن العماليق إنما كانو يعيشون في مكة والمدينة وبقية مدن الحجاز، وأنهم قد عاثوا في الأرض فسادا، ومن ثم فقد أرسل إليهم، موسى، عليه السلام، جيشا قضى عليهم، وسكن اليهود المنطقة بدلا عنهم6