في بناء الكعبة، وهو في الثلاثين من عمره1، تصديقا لقوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم} 2، فإن بناء الكعبة حينئذ يكون حوالي عام 1824ق. م، وهذا يعني أن مكة قد عمرت منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر ق. م، وهو تاريخ يجعلها واحدة من أقدم مدن بلاد العرب الجنوبية والشمالية سواء بسواء.

وعلى أي حال، فلقد عاش إسماعيل بجوار بيت الله الحرام، وتزوج من امرأة مصرية على رواية التوراة3، ومن يمنية على رواية الأخباريين4، وقد أنجب من زوجته المصرية أو اليمنية، لست أدري على وجه التأكيد، أولاده الاثني عشر، وهم -طبقًا لرواية التوراة5- "بنايوت وقيدار وأدبئيل ومبسام ومشماع ودومه ومسا وحدار ويطور ونافيش وقدمه" وقد نقلهم الأخباريون في كتبهم بشيء قليل أو كثير من التحريف6.

وأيا ما كان الأمر، فإن إسماعيل قد ظل -بعد إبراهيم- يدعو الناس إلى عبادة الله في مكة ومجاوراتها، حتى إذا ما انتقل إلى جوار ربه الكريم، قام بنوه من بعده على السلطة الزمنية في مكة، وعلى خدمة البيت الحرام، غير أن "جرهم"- طبقا لرواية الإخباريين -سرعان ما تولت أمر البيت، وأبناء إسماعيل مع أخوالهم لا يرون أن ينازعوهم الأمر، لخوؤلتهم وقرابتهم، وإعظاما للحرمة أن يكون بها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015