وبدهي أن كل هذا من اختراع، "ابن منبه" ومن نحا نحوه من الأخباريين، فليس في آثار اليمن نفسها -والتي ترجع إلى عهد شمر يهرعش- ما يدل على ذلك، كما أن الأمم الأخرى التي تحدث عنها الإخباريون، وكأنها قد خضعت له، لم يعرف تاريخها حتى اسم "شمر يهرعش" هذا، بل إن النصوص لتشير إلى أن "امرأ القيس بن عمرو" ملك الحيرة، قد هدد "شمر يهرعش في دولته ذاتها، حتى أن قواته قد وصلت إلى نجران، كما سوف نشير فيما بعد، ومع ذلك فربما كانت هذه الروايات عن فتوحاته في المشرق والمغرب، إنما هي تعبير عن أصداء فتوحاته في اليمن في سبيل توحيدها تحت سلطانه1.

وعلى أي حال، فالرجل عظيم ما في ذلك من شك، وأنه أدى دورًا من أهم الأدوار في تاريخ اليمن القديم، ما في ذلك من شك كذلك، وأن الأحداث التي ترجع إلى أيامه، إنما تدل بوضوح على أنه كان كذلك، ولعل من الأفضل لنا أن نقسمها إلى قسمين، الواحد: يتصل بالفترة التي كان يلقب فيها بلقب "ملك سبأ وذي ريدان"، والآخر: يرجع إلى تلك الفترة التي حمل فيها لقب "ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنات".

وهناك من الفترة الأولى نقش عرف بـ "جلازر 542"ويتصل بالتشريعات الخاصة بأهل مأرب ومجاوراتها، فيما يتصل ببيع المواشي والرقيق، فلقد حددت تلك التشريعات فترة شهر يصبح بعدها البيع نهائيًّا، كما حددت كذلك فترة تتراوح ما بين عشرة أيام وعشرين يومًا يجوز فيها رد المبيع للبائع، فإن هلك الحيوان بعد أيام سبعة من شرائه، وجب على المشتري دفع ثمنه كاملا2.

ويشير نص "شرف الدين 42" أن واحدًا من قواد "شمر يهرعش" "لعله ريمان ذو حزفر"، قد غزا مناطق على ساحل الخليج العربي كانت تخضع وقت ذاك لفارس، وأعني بذلك قبائل تنخ أو تنوخ في الإحساء الحالية، وقطو، أي القطيف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015