ويزعم الأخباريون أن صاحبنا "شمر يهرعش"، علم أن الصفد والكرد وأهل نهاوند ودينور، قد هدموا قبر أبيه "ناشر النعم" فأقسم "ليرفعن ذلك القبر بجماجم الرجال حتى يعود جبلا منيفًا شامخًا كما كان"، وهكذا زحف بجيوشه إلى أرمينية وهزم الترك وهدم المدائن بدينور وسنجار، ودخل مدينة الصفد وراء جيحون وهدمها فسميت "شمركند" -أو "شمر كنداي" عند الفرس، من "شمر" أي خرب، في زعمهم- ثم عربت إلى سمرقند، أو لأن شمر هدمها، ثم أمر ببنائها فسميت به1.
ويبلغ الخيال بالإخباريين، حين يزعمون أن "شمهر يهرعش"- أو شمر يرعش كما يدعونه2، قد وصل بفتوحاته إلى الصين، وأنه ترك هناك بعضًا من جنوده، ثم ينتقلون به فجأة من الصين إلى مصر فالحبشة، ثم يعودون به مرة ثانية إلى المشرق، حيث يقيم فترة في مدينة "شداد بن عاد"، التي لا ندري عنها شيئًا، وأخيرًا يعودون به إلى اليمن، فيقيم في قصر غمدان، وبعد ذلك كله، لا يرضى له الإخباريون إلا بملك الأرض كلها، وإلا بعمر لا يقل عن ألف وستين عامًا3.
هذا إلى أن الرجل -فيما يزعمون- كان أول من أمر بصناعة "الدروع السوابغ المفاضة التي منها سواعدها وأكنها وهي الأبدان"، فضلا عن آلاف الدروع التي فرضها على الفرس والروم واليمن، وكذا على بابل وعمان والبحرين، ولم ينس الإخباريون أن يتحدثوا عن حكمته وشعره، بل إن البعض منهم قد ذهب به الخيال إلى الحد الذي رأى في أهل التبت، وكأنهم بقية من جنود شمر يهرعش، فزيهم زي العرب، وأخلاقهم أخلاق العرب، وهم معترفون بأنهم من العرب ثم من اليمن4.