في الوقت الحاضر1، إلا أن مكتشف النص- الزميل الأستاذ أحمد حسين شرف الدين- يذهب إلى أن الملك "شمر يهرعش" نفسه، هو الذي قاد جيشه إلى الشمال، فعبر بلاد الأزد، واجتمع مع ملكها "مالك بن الكلاع"، ثم سار إلى الشمال حتى بلغ "قط وصف" و"كوك" حاضرتي مملكة فارس وأرض تنوخ2، وفي هذا الوقت كان "أذينه" ملك تدمر، يقوم بحملاته ضد "سابور الأول" 241-272م" ملك فارس، وحاصر المدائن "طيسفون" التي أشير إليها في النص الآنف الذكر باسم "قط وصف"، ومن ثم فربما استعان "أذينة" -الموالي للروم- بالملك "شمر يهرعش" في محاربة الفرس الذين تغلبوا على الروم في معركة "اديسا" عام 260م3.
وعلى أي حال، فإننا نستطيع أن نستنتج من النص عدة نتائج، منها "أولًا" أن شمر يهرعش يجب أن يكون -طبقًا لرواية الأستاذ شرف الدين- قد بدأ حكمه قبل عام 260م4، ومنها "ثانيًا" أنه لابد وأن يكون على علاقات طيبة بأعراب "نجد" -وبخاصة سادة كندة- ذلك لأن أعراب نجد هؤلاء كانوا يقيمون وقت ذاك في الخرج والأفلاج، كما أن الأخيرة كانت تعد من مواطن كندة منذ أيام "شعر أوتر" في حوالي عام 180م، وحتى أيام "الشرح يحصب" الثاني في حوالي عام 210م -طبقًا لتقدير فون فيسمان- كما أن "بليني" قد تحدث عن "آل ثور في عين الجبل"، و"آل ثور" هم "كندة فيما يرى الأخباريون5، ومنها "ثالثًا" لعل هذه الأحداث ربما كانت هي السبب في أن الروايات العربية ذهبت إلى أن الرجل قد غزا فارس، وإن كانت هذه الروايات قد بالغت بدرجة غير مقبولة، حتى غدت أقرب إلى القصص منها إلى حقائق التاريخ، بخاصة وأن هناك من يعتبر الحملة إنما كانت مهمة سياسية أكثر منها حربية6.