غنمت الأموال وسبت الذراري من كل أمة من جزر البحر، على رواية، وأن هذه الجيوش، والتي كانت في عشرة آلاف مركب، كانت بقيادة واحد من أهل بيت "ياسر يهنعم" -يقال له عمرو بن زيد بن أبي يعفر- وأنها ذهبت إلى وادي الرمل فلم تجد مخرجًا ولا مجازًا؛ لأن الوادي لا يسكن إلا يوم السبت فلا يجري، وهكذا ضاعت هذه الجيوش، وهنا أمر الملك بصنع تمثال من نحاس كتب عليه بالمسند "أنا الملك الحميري ياسر ينعم اليعفري، ليس وراء ما بلغته مذهب، فلا يجاوزه أحد فيعطب"، على رواية أخرى1.
ولم تقتصر فتوحات "ياسر ينعم" -فيما تزعم المصادر العربية- على ذلك، وإنما امتدت إلى الحبشة وإلى بلاد الروم والترك، فضلا عن التبت والصين والهند، وأخيرًا مات في "دينور" حيث دفنه ابنه هناك، ثم جلس على عرشه من بعده2، وإن قفزت بعض هذه المراجع، فجعلت من "تبان أب كرب أسعد" خليفة له3، كما أبت مراجع أخرى إلا أن تنسب للرجل شعرًا فيه فخر وفيه حماسة، كما نسبت لوالده "شمر يرعش" شعرًا كذلك، يرثي فيه أباه، ولم تنس هذه القرائح أن تقدم لنا نماذج من كلامه العربي الفصيح، لترينا أنه كان -كسائر ملوك اليمن- يتكلم بلسان عربي مبين4.
وليس من شك في أن كل ما جاء في هذه الروايات عن "ياسر يهنعم"، إنما هو من أساطير "ابن منبه" وغيره من الأخباريين الذين سودوا صفحات كتبهم عن هذه المرحلة من التاريخ العربي القديم بكل غث وسمين، وإن كانت هناك روايات تاريخية عن حملات عسكرية قام بها الحميريون في وادي النيل الأوسط وشمال إفريقيا5، وقد أشار "ده برسيفال" إلى حملة قادها أبو مالك بن شمر يرعش إلى معادن الزمرد