الحملة استطاعت أن تحدث بعض الخراب والدمار في نجران ونشق وكمناء ومأرب ولوق، وربما حريب، وهي أبعد مدينة وصلتها الحملة1.

ومن الغريب أن المصادر العربية الجنوبية، قد التزمت الصمت التام إزاء هذه الحملة، وقد تساءل "إدوارد جلازر" عن سبب سكوت هذه المصادر عن حملة لا بد وأنها قد تركت أثرًا بعيد المدى في نفوس السبئيين -بل وفي غيرهم من قبائل اليمن والحجاز -ثم رأى بعد ذلك أن نص "هاليفي 535" إنما يتحدث عن حرب دارت رحاها بين "ذ شمت" و"ديمنت"، وربما كان المراد بالأولين الرومان، وبالآخرين السبئيين، ومن ثم فإن النص إنما يتحدث عن حملت "إليوس جالليوس" هذه، على أن الدكتور جواد علي إنما يستبعد هذا الرأي، ويرى أن سر الحملة ربما كان لا يزال تحت التراب، وإن كانت الحفريات قد فشلت حتى الآن في العصور على شيء يتصل بها، كما فشل هاليفي وفلبي في العصور على شيء يميط اللثام عنها2.

وأيًّا ما كان الأمر، فإن الروم بعد أن فشلت حملتهم هذه، بدءوا يغيرون سياستهم نحو العربية الجنوبية، فتخلوا نهائيًّا عن السيطرة العسكرية، وإن اتجهوا في الوقت نفسه نحو تقوية أسطولهم في البحر الأحمر، ويقول سترابو أنهم كانوا يرسلون سنويًّا ما لا يقل عن 120 سفينة إلى الهند، وهو عدد لم يتعودوا إرساله فيما مضى، كما عثر في الهند على نقود رومانية، أضف على ذلك أن وجود معبد لأغسطس في "موزيريس" بساحل "مالابار" يدل على أن عددًا غير قليل من التجار اليونان والرومان كان يقيم هناك3.

هذا وقد عمل الروم في نفس الوقت على تقوية علاقاتهم بالعربية الجنوبية، فاحتلوا ميناء عدن إبان حكم "كلاوديوس" "41-54م"، أو قبله، وهكذا كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015