على أن فريقًا ثالثًا إنما يذهب إلى أن عزلة حضرموت عن الحضارة الشمالية، فضلا عن صلتها القوية بأفريقية، إنما كانا من وراء ذلك كله1.
وترى "مس كاتون طومسون" أن انفصال جنوب غربي بلاد العرب عن أفريقية الشرقية، قد حدث في حقبة "البليستوسين" -أي قبل مليون عام على أقل تقدير -وأن آلات الظران "حجر الصوان" التي عثر عليها في حضرموت تشبه كثيرًا تلك التي عثر عليها الباحثون في شرقي أفريقية2.
أضف إلى ذلك أنه قد عثر في حضرموت كذلك على نماذج من الزجاج البركاني، الذي اتخذ أشكالا هندسية بفعل البراكين، يرى بعض الباحثين أنها ترجع في أصلها إلى سواحل أفريقية الشرقية3، ولعل هذا هو السبب الذي دعا "مس طومسون" إلى القول بأنه كانت توجد في شرق أفريقية ثقافة مركزية تفرعت عنها ثقافات متعددة، ليس في أفريقية وحدها، وإنما في آسيا كذلك، وتدلل "مس طومسون" على نظريتها في انفصال أفريقية عن آسيا، بأنه لا يوجد بين أدوات الظران التي عثر عليها في جنوب بلاد العرب بعض الأدوات المعروفة من العصور الحجرية القديمة "باليوليتية"، والتي كانت منتشرة في تلك الأيام الخوالي على طول أفريقية الشرقية من الشمال إلى الجنوب4.
على أن الدكتور سليمان حزين يرى أنه إذا كان ولا بد لنا من البحث عن أي الجهتين -شرقي أفريقية أو جنوبي بلاد العرب- أقدم ثقافة، فإن بلاد العرب هي الأقدم، وأن الثقافة قد انتقلت منها في العصور الحجرية القديمة إلى شرقي أفريقية5، وذلك لأن اليمن وعدن كانتا في تلك العصور الحجرية القديمة مأهولتين بالسكان، وأن قسمًا من هؤلاء السكان قد هاجر إلى عمان ومناطق الخليج العربي، كما هاجر