ليس من شك في أن معلوماتنا عن بلاد العرب فيما قبل العصر التاريخي ضيئلة، لا تقدم لنا نفعًا كبيرًا لإقامة الهيكل التاريخي في تلك العصور الممعنة في القدم، ومن هنا فإننا سنحاول أن نقدم ما عثر عليه الأثريون في شبه الجزيرة العربية، وبخاصة في تلك الأماكن التي تقع عند الأودية، وعند الطرق والأماكن التي تتوافر فيها وسائل الحياة، والتي ترجع إلى فترات مختلفة من عصور ما قبل التاريخ، فضلا عن تلك الكهوف التي عاش فيها نفر من القوم في جنوب وغرب شبه الجزيرة العربية، في عصور ترجع إلى ما قبل الميلاد، بأمد لا ندري مداه على وجه التحديد، وقد تحدث الكتاب القدامى من الأغارقة والرومان عن تلك الكهوف، بل إن البعض ما يزال يتخذها سكنًا له في حضرموت، وفي غيرها من المواضع1.
وأما أهم الآثار التي عثر عليها في شبه الجزيرة العربية من تلك العصور العتيقة، فمنها تلك الأدوات الحجرية التي عثر عليها في مواضع مختلفة من حضرموت، والتي لم تكن على مستوى نظيراتها في سورية أو في أفريقية، وقد حاول بعض الباحثين أن يرجع ذلك إلى طبيعة أحجار المنطقة نفسها، بينما ذهب آخرون إلى أن السبب في ذلك إنما يرجع إلى مستوى الحضارة نفسها، بالنسبة إلى الحضارات الأخرى2،