صلى الله عليه وسلم، وذلك مناقض لمقصود البعثة، ولقوله تعالى:
وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ (?) ويدفع هذا بأن السنة ليست من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هى وحى كالقرآن.
نسخ السنة بالكتاب: ذهب أكثر الناس إلى حسن ذلك ووقوعه ومنع الشافعى رحمه الله منه. ودليلنا: أنه لو امتنع ذلك لم يخل إما أن يكون امتناعه من حيث القدرة والصحة أو من حيث الحكمة.
أما من حيث القدرة والصحة فبأن يقال: إن الله عز وجل لا يوصف بالقدرة على كلام ناسخ لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أو: لو أتى بكلام هذه سبيله لم يكن دالّا على النسخ.
والأول والثانى باطلان، لأن الله سبحانه قادر على جميع أقسام الكلام، ولا يجوز خروج كلامه من أن يكون دليلا على ما هو موضوع.
وأما الحكمة فبأن يقال: لو نسخ الله سبحانه كلام نبيه صلى الله عليه وسلم لنفّر ذلك عنه، وأوهم أنه لم يرض بما سنة صلى الله عليه وسلم. وهذا باطل لأن النسخ إنما يرفع الحكم بعد استقرار مثله، وذلك يمنع من هذا التوهم لأنه لو لم يرض بما سنة صلى الله عليه وسلم لم يقرّ عليه أصلا، على أنه لو نفّر عنه لنفر عنه أن ينسخ سنته بسنة أخرى، لأن السنة الناسخة إنما صدرت عنه لأجل الوحى فجرى مجرى كلام ينزله الله عز وجل.
هذا وبعد ذكر موقف العلماء تجاه نسخ السنة بالكتاب يظهر لنا- والله أعلم- أن مذهب الجمهور القائل بجواز ذلك هو المذهب الراجح لقوة أدلته وسلامتها عما يعارضها.