قلتُ: الأحاديث الصحيحة دلّت على أنه حقيقةٌ. فروى أبوهريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنّه قال: "إِنّ العبد إِذا أَخطَأَ خطيئةً نُكِتَت في قلبه نُكنةٌ سوداء. فإِذا هو نَزَعَ واستغفَر وتابَ، سُقِل قَلبُه. وإِن عادَ، زيدَ فيها، حتى تُغلِق قلبَه. وهو الران الذي ذَكَرَ اللهُ؛ {كلا بل ران على قلوبهم}، الآية". رواه ابن ماجه والنسائىّ، وصحّحه الترمذىّ.
وفي حديث حُذَيفَة، "إنّ الأمانى نَزَلَت في جَذرِ قلوبِ الرجالِ"؛ إِلى قوله، ثمّ حَدثنا، يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم، عن رَفع الأمانةِ، فقال: "يَنام الرجلُ النَومَةَ، فتُقبًضُ الأمانةُ مِن قلبِه؛ فيَظلّ أَثَرُها مِثلَ المجلِ كحمرٍ دَحرَجتَه على رِجلك، فَنفِطَت؛ فتراه مُنتبِرًا". حديثٌ صحيحٌ متّفقٌ عليه.
وفي بعض الأحاديث، يَصِفُ القلبَ أنّه إِذا اكتَسَبَ الخطايا، [صار] مَنكُوسًا كالكُوز، مُجخيًا مُربادًّا، لا يَعرِفُ مَعروفًا ولا يُنكِر مُنكرًا. وكّل هذه صفات الأجسام المجوَّفة.
ويُحتمَل أن يكون الختم والطبع مجازًا عن خلقِ اللهِ سبحانه داعي الكفرِ في القلب، أو عدم خلقِ داعي الإِيمان فيه. فيكون امتناعُ قيامِ الإِيمان بالقلب لعدم خلقِ داعيه فيه، أو لقيام ضدِّه به، وهو الكفر، كامتناع قيامه به لوجود ما يُغطّيه، فيمنعه من الانطباع فيه لو كان مجوَّفًا.
وربما رجح هذا الوجهُ بدليل السمع والبصر المقارِنين للقلب في الآية. فإِنّ الختم والغشاوة عليهما غير محسوسين، بل معقولان، كما ذكرنا وهو معنى قوله تعالى: {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه}.
والمقصود على الاحتمالين حاصلٌ، وهو أنّ "الختم" و "الطبع" و "الأكنة" و"الغشاوة"