مُزدَجَرٌ. وهي النكتى التي وَعَدنا بها قبل.
قوله، "وقال لآدم وحوّاء: {فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة}؛ فغَلَبه الشيطان على هواه؛ ثمّ قال: {يا بني آدم لا يفتنكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة}؛ وليس للشيطان عليهم سلطانٌ، {إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة مممن هو منها في شك}. قلنا: غَلَبَه الشيطانُ بالوسوسة، وطاوَعَه آدمُ بالكسبِ. والخلقُ لله؛ بدليل احتجاج آدم بسبقِ عِلمِ الله فيه بذلك. وبالضرورة، يَلزَم أن يَقَع المقدورُ على وَفقِ المعلوم؛ وإِلاّ انقَلَبت حقائقُ صفاتِه سبحانه، كما سبق؛ وهو محالٌ. وإِضافةُ الفتنةِ والإِخراجِ إِلى الشيطان بالوسوسة والإِغواء. وأمّا كونه ليس له سلطانٌ، فصحيحٌ؛ إِلاّ أنْ دَعاهم، فاستجابوا بكسبِهم المتَفَرع على خلقِ ربهم؛ كما حَكَى عنهم، وكما رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "بُعِثتُ مبَلِّغًا، وليس إِلىّ من الهداية شيءٌ؛ وخُلِق إِبليسُ موسوِسًا، وليس إِليه من الغواية شيءٌ". وهذا كلامٌ صحيحٌ يَشهَد له نصُّ القرآنِ. أمّا الأوّل، فلقوله: {إِنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء}. وأمّا الثاني، فلقوله: {وأضله الله على علم}؛ {ومن يضلل الله فما له من سبيل}؛ ونحوها.
فإِن قيل: "نفيُ كونِ الهداية إِليه، والغوايةِ إِلى إِبليس، لا يَدُلّ على إِضافتها إِلى الله؛ فجاز أنّه عليه السلام أراد استقلالَ العبيد بها، كما هو مذهبنا"؛ قلنا: يُبطِل ذلك نصوصُ الكتاب والسنّة، وأنّه عليه السلام كان يقول دائمًا: "لو قُدِّر، لكان"؛ "قَدَر