لهم وحيلولته دونهم، وإِن قَبُح ذلك مِن غيره؛ لِمَا بَيّنّا [ما] بينه وبين غيره مِن الفَرقِ بقوةّ المُلكِ وضعفه، وغير ذلك.
قوله، "والقوم يُنازِعون في المشيئة، وإِنما شاء اللهُ الخيرَ قَبل أن نَشاءه". قلتُ: لا أعلم ما وجه استدلالِه بهذا. إِلاّ إِنّه يُشير إِلى قوله: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله}. ونحن نقول: إِنّ الله سبحانه شاء الخيرَ والشرَّ، وقدَّرَهما قبلَ خلقِ السماوات والأرض بدهورٍ وأزمانٍ، كما سيأتى في الحديث.
قوله: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}. قلنا: هذا، إِن خَصَّصناه بسببِه، فهو في إِفطار المسار في رمضان. وإِن لم نَخُضّه، فهو في عموم أحكام التكليف. ونحن في مسألةٍ تكوينيّةٍ؛ لأنهم يقولون: "العبد يُكَوِّن أفعاله"؛ ونحن نقول: بل الله يُكونها. فأين هذا مِن هذا! .
ثمّ هي لازمةٌ عليكم؛ لأنّه خَلَق العُصاةَ وأحياهم، حتى استًكمَلوا معاصيهم؛ ثمّ أَدخلهم النارَ؛ وأَوقَع الآلامَ والمكارِهَ في العالم، وخلَقَ إِبليسَ وجنده وأعوانه، مِن نفوسٍ وشهواتٍ وكلّ ذلك عُسرٌ ومَشقةٌ، شابت فيها النَواصِي، وعادت الظهُورُ منها كالصياصى.
قوله في الزنا، "ليس من خلق الله؛ وإِنما الزانى نظفتَه في غير حقَِها، فتَعدَّى أَمرَ الله؛ والله يخلِق مِن ذلك ما يشاء. وكذلك صاحب البذر، إِذا وَضَعه في غير حقِّه". قلنا: الزاني وَضَع نظفتَه في غير حقَِها بكسبِه؛ وتعدَّى أمرَ اللهِ، ولم يَتَعَدَّ قدَر اللهِ. وأمَا أنّ الله يخلق من ذلك وغيره ما يشاء، فلا نزاع فيه. وأمّا البذر، فمَن هي عن فِعلِه، وهو مقدورُ الله على فاعله.