من ضررِ إبليس. لأنّ إِغواء إبليس عندكم من فِعلِ اللهِ؛ وإِبليس لا يَقدِر على اضطرارِ العبدِ إِلى المعصية؛ كما قال: {وما كان لى عليكم من سلطان إلا أنن دعوتكم فاستجبتم لى}؛ والله سبحانه يَضطرُّهم إِل فِعلِها. فلو كان كذلك، لحَسُنَ من الكافر ثمُّ اللهِ ومدحُ إِبليس، أو تفضيلُه على الله في الشكرِ؛ لأنّه أقلّ ضررًا؛ وتقليل الضررِ نعمةٌ تُوجِب الشكرَ".
والجواب إِنّه لازمٌ لكم من وجهين.
أحدهما: أنّه خَلَق الشهواتِ المستميِلة، وشهواتهم المائلة، ونفوسَهم الأمّارة، والشيطانَ المُغوِي، وقدرتهم التي بها يّتمكّنون من مُواقعة المعاصة. ثمّ كلَّفَهم، مع عِلمِه أنهم يتضرَّرون بالتكليف، ولا يمتنِعون؛ مع أنّه كان قادرًا أن لا يخلقهم؛ أو أنّه إِذا خَلَقهم، عَصًمًهم. ومَن يَفعل مَثلَ هذا، فضررُه أعظم من ضررِ تلك الأشياء. فلنُلزِمكم ما أَلزَمتمونا، وأكثر.
الوجه الثاني: يَلزمكم أن تقولوا بتَعصيَتِه؛ لأنّه تَرَكَ الأصلحَ لهم؛ ورعايتُه واجبٌ عليه، وأيضًا، القدحُ في حكمتِه؛ لأنّ تاركَ ما يجب عليه عقلًا، أو شرعًا، لا يكون حكيمًا.
"الخامس: لو خَلَقَ الكفرَ في الكافر، لكان قد خَلَقَه للعذاب. ولو كان كذلك، لم يكن لله على الكافر نعمةٌ. لكنّه باطلٌ؛ بقوله تعالى: {ألم تر إلى الذين بذلوا نعمت الله كفرًا}؛ {فاذكروا آلاء الله}. والإجماع من دين محمد أنّ ما من عبد إِلاّ والله عليه نِعَمٌ، مسلمًا، أو كافرًا".
والجواب أنّ الله خَلَقَ الكفرَ في الكافر، وخَلَقَه للعذاب. دَلَّ على ذلك نصُّ قولِه، {ولقد ذرأنل لجهنهم}؛ وهي لامُ الاختصاصِ والتعليلِ، لا لازم العاقِبة. قوله: " فلو كان