جسمٍ، أو نبىّ، أو مَلَكٍ.
"الثاني: أنّ مِن جملة القبائح الإشراك بالله، ونسبةَ ما لا يَليق به إِليه، من سب وشتمٍ ونحوه. فلو كان خالقَ ذلك، لكان سابًا شاتمًا لنفسه؛ وذلك من أفعالِ السفهاء، لا الحكماء".
والجواب: إِن عنيتم أنّه يكون شاتمًا لنفسه حقيقةً، أعنى بغير واسطةٍ، فهو غير لازمٍ. وإِن عنيتم مجازًا، أي بواسطة خَلقِ السب والشتمِ على جارِحةِ الآدميّ، فهو كذلك. إِلاّ أنّا لا نُطلِق ذلك عليه، لإِيهامِه، أو تَوَقَُفِه على التوقيف، كما مَرَّ.
"الثالث: لو جاز أن يخلق الزنا واللواط، لجاز أن يَبعث رسولًا هذا دينُه. ثمّ لجاز أن يكون في الأنبياء المتقدمين مَن لم يُبعَث إِلاّ للدعوة إِلى المنكَرات، كالسرقة والخيانة، ومدحِ الشيطان، وعبادته، والاستخفاف بالله ورسوله، والنهي عن المعروفات، كأضداد ذلك. وهو باطلٌ".
والجواب عن مثلِ هذا قد سبق غيرَ موضعٍ. ثمّ هو لازمٌ عليهم من وجهين. أحدهما أنّ الزنا واللواط من القبائح الشرعية، لا العقليّة، فتجوز بِعثةُ رسولٍ بالدعاء إِليهما. وهو لازمٌ لكم أيضًا؛ لأنكم إِنما تَمنعون إِرسالَ الرسلِ بالدعاء إِلى القبائح العقلية.
الثاني: لابّد في هذه الأفعال من داعٍ مخلوقٍ لله، كما سبق في غير موضعٍ.
ووقوعها عقيب الداعى واجبٌ. فقد فَعَل اللهُ فعلًا أَوجَب عبده وقوعها. ففي الحقيقة، هو فاعلٌ له بواسطة الداعى. ثمّ نقول: رب شيء نُجوَزه مِن اللهِ، مع القطعِ بعدم وقوعه؛ كما تَقرَّر في العاديات. وإِذا كان تجويزُنا لتلك الأشياء لا يَقدح في القطع بعدم وقوعها، فلا محذور في التزام مجرَّدِ جوازِه؛ فنَلتزِمه.
"الرابع: لو كان يخلق الكفرَ في العبد، ثمّ يُعذبه عليه، لكان ضررُه على العبد أشدَّ