به الحوادثُ؛ أو بمعنى أنّه ليس بصادقٍ. وبكلّ حالٍ، يكون الكذبُ منه قديمًا؛ فيستحيل الصدقُ منه بعد. والكذب نقصٌ؛ فيَلزَم لحُوقُ النقصِ له؛ وهو محالٌ. وإِذا كان الكذبُ عليه محالًا، استحال أن يكون لازمًا لخَلقِه الأفعالَ؛ لأنّ المحال لا وجود له حتى يكون لازمًا أو ملزومًا.
وإِن كان الكذب هو الإِخبار غير المطابِق، فالإخبار إِظهار الخبرِ؛ والخبر قديمٌ، كما بَيّنّا؛ فإِظهاره لا يُغيِّر عن صفة الكمال؛ والصدق كمالٌ له، والكذب نقصٌ فيه؛ محالًا؛ ويعود الكلامُ.
وأيضًا، الكذب إِمّا معنًى وجوديُّ، فقد بيّنّا استحالتَه؛ أو عدميّ والعدميّ يَستحيل أن يكون لازمًا لأمر الوجوديّ الذي هو خَلقُ الأفعالِ، أو جوازهُ.
وأيضًا، الكذب لابدّ له، على أصلكم، من علّةٍ؛ بناءً على تعليل الأفعال. وتلك العّلة، إِما للرهبة، أو للرغبة، لجلب نفعٍ، أو دفعِ ضررٍ؛ وذلك على الله محالٌ.
وأيضًا، إِنما يُوصِل الكذبُ إِلى أغراضه مَن يَعجَز عن تحصيلها بذاته؛ والله سبحانه لا يُعجِزه شيءٌ؛ وهو بقدرته الكاملة غنيُّ عن الوسائط.
"ومنها سَدُّ باب العلم بصحّة الشرائع، لوجهين. أحدهما: أنّه لو جاز أن يَفعل القبائحَ، جاز أن يَدعو، أو يَبعث من يَدعو، إليها. ولو جاز أنّ كلّ شرعٍ دَعَى إِليه قبيحٌ؛ فتزول الثقةُ بالشرائع.
الثاني: لو جاز ان يخلق في العبد الكفر والضلالَ، ويُزيّنه له، ويَستدرِجه بذلك إِلى عقابه، لجاز أنّ دين الإِسلام هو الكفر والضلال، استدرج أهلَه إِليه، وأنّ بعضَ الملل المخالِفة للإِسلام هي الحقُّ، ولكان صَرَف اللهُ المسلمين عنه، وزَيَّن لهم خلافَه. ومتى جاز ذلك، جاز أنّ أهل الاعتزال في هذه المسألة وغيرها على الحقّ، وأنتم على الباطل".
والجواب عن الوجه الأوّل أنّه مبنيُّ على التقبيح العقليّ، وأنّ حُسن الأشياءِ وقُبحَها معلومان قبل الشرعِ؛ وهو ممنوعٌ. بل الحُسن والقبح مستفادان من أمرِ الشارعِ ونهيِه. فلو أَمَرَ اللهُ سبحانه بما شاء، كان حسنًَا. ولو نهى عمًا شاء، لكان قبيحًا. وعن