تلذذ النفس في الحال باستشعار الإدلال على الجهال والتكبر عليهم, فآفة العلم الخيلاء كما قاله صلى الله عليه وسلم.

ولذلك حكى عن بشر أنه دفن عشرة قماطر من كتب الأحاديث التي سمعها, وكان لا يحدث ويقول: إني أشتهي أن أحدث فلذلك لا أحدث, ولو اشتهيت أن لا أحدث لحدثت, ولذلك قال: "ثنا" باب من الدنيا, وإذا قال الرجل: "ثنا" فإنما يقول: أوسعو لي.

وقالت رابعة العدوية لسفيان الثوري: نعم الرجل أنت لولا رغبتك في الدنيا. قال: وفي ماذا رغبت؟ قالت: في الحديث.

ولذلك قال أبو سليمان الداراني: من تزوج أو كتب الحديث أو اشتغل بالسفر فقد ركن إلى الدنيا.

والحزم الاحتراز بالعزلة وترك الاستكثار من الأصحاب ما أمكن, بل الذي يطلب الدنيا بتدريسه وتعليمه / فالصواب له إن كان عاقلا في هذا الزمان أن يترك ذلك, فلقد صدق أبو سليمان الخطابي حيث قال:

دع الراغبين في صحبتك والتعلم منك فليس لك منهم مال ولا جمال, إخوان العلانية أعداء السر, إذا لقوك تملقوك, وإذا غبت عنهم سبعوك, من أتاك منهم كان عليك رقيبا, وإذا خرج كان عليك خطيبا, أهل نفاق ونميمة, وغل وخديعة, فلا تغتر باجتماعهم عليك فما غرضهم العلم بل الجاه والمال, وأن يتخذوك سلما إلى أوطارهم, وحمارا في حاجاتهم, إن قصرت في غرض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015