وذلك غاية الغرور, فكذلك المتفقه المسكين قد سلط عليه حب الدنيا واتباع الشهوات والحسد والكبر والرياء, فيلقي الله وهو عليه غضبان. فترك ذلك كله واشتغل بعلم السلم والإجارة والظهارة واللعان والجراحات والديات والدعاوي والبينات وبكتاب الحيض, ولا يحتاج إلى شيء من ذلك قط في عمره لنفسه, وإذا احتاج غيره كان في المفتين كثرة, فيشتغل بذلك ويحرص عليه لما فيه من الجاه والمال والرياسة.
وأما من حيث العلم فحيث اقتصر على علم الفتاوى وظن أنه علم الدين, وترك علم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وترك علم تهذيب الأخلاق, وترك الفقه عن الله بإدراك جلالته وعظمته, وهو العلم الذي يورث الخوف والهيبة والخشوع ويحمل على التقوى, فقد ترك العلوم التي هي / أهم وهو غافل مغرور, وسبب غروره ما سمع في الشرع من تعظيم الفقه, ولم يدر أن ذلك الفقه هو الفقه عن الله ومعرفة صفاته المخوفة والمرجوة التي بها يستشعر القلب الخوف ويلازم التقوى)).
وقال في كتاب العزلة وهو السادس من ربع العادات من "كتاب الإحياء":
((أما التعليم ففيه ثواب عظيم مهما صحت نية المتعلم والمعلم, ومهما كان القصد إقامة الجاه والاستكثار بالأصحال والإتباع فهو هلاك الدين.
وحكم العالم في هذا الزمان أن يعتزل إن أراد سلامة دينه فإنه لا يرى