وقال بعض العارفين: إنما انقطع الأبدال في أطراف الأرض واستتروا عن أعين الجمهور لأنهم لا يطيقون النظر إلى علماء الوقت؛ لأنهم عندهم جهال بالله تعالى, وهم عند أنفسهم وعند الجاهلين علماء.
وقال سهل التستري: كل عالم خاض في الدنيا فلا ينبغي أن يصغي إلى قوله؛ لأن كل إنسان يخوض فيما أحب ويدفع ما لا يوافق محبوبه, ولذلك قال تعالى: {ولا تطع من / أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا}.
وكتب يوسف بن أسباط إلى حذيفة المرعشي رحمهما الله: ما ظنك بمن بقي لا يجد أحدا يذكر الله تعالى معه إلا كان آثما, وكانت مذاكرته معصية, وذلك أنه لا يجد أهله.
قال أبو حامد: ((ولقد صدق فإن مخالطة الناس لا تنفك من غيبة أو سكوت على منكر, وأحسن أحواله أن يفيد علما, ولو تأمل لعلم أن المستفيد إنما يريد أن يجعل ذلك آلة إلى طلب الدنيا, ووسيلة إلى الشر, فيكون هو معينا له وردءاً وظهيرا ومهيئا لأسبابه, كالذي يبيع السيف من قطاع الطريق فالعلم كالسيف وصلاحه للخير كصلاح السيف للغزو)).