/ كان يعد فرش البواري في المسجد بدعة, وقيل: إنه من محدثات الحجاج؛ فقد كان الأولون قلما يجعلون بينهم وبين التراب حاجزا. وكذلك الإشتغال بدقائق الجدل والمناظرة من أجل علوم الزمان, ويزعمون أنه أعظم القربات, وقد كان ذلك من المنكرات. ومن ذلك التلحين في الأذان والقرآن, والتعسف في النظافة, والوسوسة في الطهارة, وتقدير الأسباب البعيدة في نجاسة الثياب, مع التساهل في حل الأطعمة وتحريمها, إلى نظائر ذلك.
ولقد صدق ابن مسعود رضي الله عنه حيث قال: ((انتم اليوم في زمان الهوى فيه تابع للعلم, وسيأتي عليكم زمان يكون العلم فيه تابعا للهوى)).
وكان أحمد يقول: تركوا العلم وأقبلوا على الغرائب, ما أقل الفقه فيهم والله المستعان.
وقال مالك بن أنس: لم يكن الناس فيما مضى يسألون عن هذه الأمور كما يسأل الناس اليوم, ولم يكن العلماء يقولون: حرام ولا حلال, أدركتهم يقولون: مكروه ومستحب.
ومعناه أنهم كانوا ينظرون في دقائق الكراهية والاستحباب, فأما الحرام فكان تجنبه ظاهرا.
وكان هشام بن عروة يقول: لا تسألوهم اليوم عما أحدثوا فإنهم قد أعدوا له جوابا, ولكن سلوهم عن السنة فإنهم لا يعرفونها.