ثم قال: ((فكن أحد رجلين؛ إما متصفا بهذه الصفات - يعني صفات علماء الآخرة - أو معترفا بالتقصير مع الإقرار به, بالتقصير مع الإقرار به, وإياك أن تكون الثالث فتلبس على نفسك بأن تلقب آلة الدنيا بالدين, وسيرة البطالين بسيرة العلماء الراشدين الراسخين, فتلتحق - بجهلك وإنكارك - بزمرة الهالكين الآيسين, نعوذ بالله من خدع الشيطان فبها هلك الجمهور, ونسأل الله أن يجعلنا ممن لا تغره الحياة الدنيا ولا يغره بالله الغرور)).

قلت:

ونحن من المقرين بالتقصير المعترفين به, ونسأل الله حسن النية فيما قصدناه, وحسن العاقبة فيما تعبنا فيه ونويناه, وأن يوقفنا لتحصيل العلم النافع ونشره, ويجعلنا دعاة إلى سبيله وأمره, فمتى / حصل حسن النية أمنا كل هذه الآفات, فإن الأعمال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم بالنيات.

قال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت محمد بن أحمد الفراء يقول: قيل لحمدون القصار: ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا؟ قال: لأنهم تكلموا لعز الإسلام, ونجاة النفوس, ورضا الرحمن, ونحن نتكلم لعز النفس, وطلب الدنيا, وقبول الخلق.

ومما غلب على المتفقهة المراء والجدال ومناقشة الناس في الكلام وذلك مذموم منهي عنه, وقد بسط أبو حامد الغزالي رحمه الله الكلام فيه كتاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015