ينتفع في الدنيا بقبول الخلق, بل يتكدر عليه صدره بنوائب الزمان, ثم يرد القيامة مفلسا متحسرا على ما يشاهده من ربح العاملين, وفوز المقربين, وذلك هو الخسران المبين.
ولقد كان الحسن البصري أشبه الناس كلاما بكلام الأنبياء, وأقربهم هديا من الصحابة, اتفقت الكلمات في حقه على ذلك, وكان أكثر كلامه في خواطر القلوب, وفساد الأعمال, ووساوس النفوس, والصفات الخفية الغامضة من شهوات النفس. وقيل له يا أبا سعيد إنك تتكلم بكلام ليس يسمع من غيرك فمن أين أخذته؟ فقال من حذيفة بن اليمان)).
قلت:
كذا هو في كتاب " الإحياء ", والحسن يصغر عن لقاء حذيفة رضي الله عنهما, ولعله أراد: أخذته من كلامه ومن طريقته, أي سلكت مسلكه الذي روي لنا عنه والله أعلم.
وقال حذيفة: ((معروفكم اليوم منكر زمان قد مضى, وإن منكركم معروف زمان قد أتى, وإنكم لا تزالون بخير ما عرفتم الحق, وكان القائم فيكم غير مستخف به)).
قال أبو حامد: ((ولقد صدق فأكثر معروفات هذه الأعصار منكرات في عصر الصحابة, إذ من غرر المعروفات في زماننا تزيين المساجد وتجنيدها, وإنفاق الأموال العظيمة في دقائق عماراتها, وفرش البسط الرفيعة فيها, وقد