فيها, فعلم رغبته في المناظرة والمجادلة في الكلام, فأكب الناس على علم الكلام وأكثروا فيه التصانيف, ورتبوا فيه طرق المجادلات, واستخرجوا فنون المناقضات في المقالات, وزعموا أن غرضنا الذب عن دين الله عز وجل, والنضال عن السنة وقمع المبتدعة, كما زعم من قبلهم أن غرضهم الاستقلال بفتاوى الدين, وتقلد أحكام المسلمين إشفاقا على خلق الله ونصيحة لهم, ثم ظهر بعد ذلك من الصدور من لم يستصوب الخوض في الكلام وفتح باب المناظرة فيه لما كان قد تولد في فتح بابه من التعصبات الفاحشة, والخصومات الناشئة المفضية إلى إهراق الدماء وتخريب البلاد, ومالت نفسه إلى المناظرة في الفقه وبيان الأولى من مذهبي الشافعي وأبي حنيفة, فترك الناس الكلام في فنون العلم وانثالوا على المسائل الخلافية, وأكثروا فيها التصاريف والاستنباطات, ورتبوا فيها أنواع المجادلات والتصنيفات, وهم مستمرون عليه إلى الآن, وليس ندري ما الذي قدر الله سبحانه فيها بعدنا من الأعصار)).
قلت:
ما ازدادوا في ذلك إلا ضلالا, ما زال أهل [فن] الخلاف ينسلون من فقه المذهب انسلالا, حتى أورثهم العميدي بطريقته وبالا, وعلمهم محالا, لو