وَقَالَ آخر
(إِن بَين التَّفْرِيط والافراط ... مسلكاً منجياً من الايراط)
قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله أَي من الهلكة
والافراط مَذْمُوم فِي كل شَيْء فَمن أفرط فِي الْمَدْح نسب إِلَى الملق أَو فِي النَّصِيحَة لحقته التُّهْمَة
وَقيل كثير النصح يهجم بك على كثير الظنة وَإِذا أفرط فِي سرعَة السّير قطع بِهِ
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَلا إِن هَذَا الدّين متين فأوغل فِيهِ بِرِفْق فَإِن المنبت لَا أَرضًا قطع وَلَا ظهرا أبقى)
وَالْعرب تَقول شَرّ السّير الْحَقْحَقَةُ وَهِي شدَّة السّير
وَقَالَ المرار
(نقطع بالنزول الارض عَنَّا ... وَطول الأَرْض يقطعهُ النُّزُول)
وَإِذا أفرط فِي الاكل وَالشرب سقم وَإِذا أفرط فِي الزّهْد منع نَفسه مَا أحل لَهُ فعذ بهَا من حَيْثُ لَو نعمها لم يضرّهُ وَإِذا أفرط فِي الْبَذْل كَانَ مبذراً وأرجع الامر إِلَى الْفقر وَإِذا أفرط فِي الْمَنْع كَانَ بَخِيلًا يذم بِكُل لِسَان ويحتقره كل إِنْسَان وَيُشبه بالكلب فِي دناءة نَفسه وقصور همته
وَلَا يدْخل الافراط شَيْئا إِلَّا أفْسدهُ
أخبرنَا أَبُو أَحْمد قَالَ أخبرنَا أَحْمد بن أبي بكر قَالَ سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس الْمبرد يَقُول خلال الْخَيْر لَهَا مقادير فَإِذا خرجت عَنْهَا استحالت فالحياء