ثم على ذلك دواليك يطبقون أحكام الإمارة الكبرى على الولاية الصغرى.
من الولاية الصغرى الإمام الذي يصلي بالمسلمين الخمس صلوات في المسجد، هذا لا يجوز أن يعطى له صلاحية الخليفة، الإمام الأول، وإنما يطاع له في حدود ما يأمر وينهى فيما يتعلق بأحكام الشريعة، أما لا يجب له من الطاعة فيما لو أمر بشيء أصله مباح، لا يجب طاعة هذا الإمام الذي هو إمام المسجد؛ لأنه ليس هو الإمام الأكبر الذي إذا أمر المسلمين بشيء يرى أن فيه مصلحتهم، وكان هذا الأمر في أصله مباح، فيجب والحالة هذه أن يطاع الأمير الأكبر، كما يجب على الزوجة أن تطيع زوجها في غير معصية الله تبارك وتعالى، أما هذه الإمارات وهذه الولايات في هذه التنظيمات الحديثة في العصر الحاضر وبخاصة أخيراً، فهذه أولاً ليست تلك الولاية الكبرى؛ لأنهم لم يبايعوا من جميع المسلمين، ولذلك فلا يعطى لحكم أميرهم أحكام الأمير الأعلى.
ثانياً: أن هناك ما يلفت النظر ويسترعي الانتباه أنهم زادوا في الأمر بالطاعة لهذا الأمير الخاص على أكثر مما ثبت في الشرع من إطاعة الأمير العام.
جاء في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أرسل سرية وأمر عليها أميراً، ثم أراد هذا الأمير أن يبتلي أتباعه هل هم يطيعونه كما أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يطاع أميره، فأمر بعضهم بأن يحطبوا حطباً ففعلوا، ثم أمرهم جميعاً أن يلتفوا حول هذا الحطب، ثم أمر بعضهم أن يوقدوا النار فيها فأوقدوا، فاشتعلت، فقال لهم: ألقوا أنفسكم في النار، فتلكؤوا، فقال بعضهم لبعض: والله! ما آمنا برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، إلا فراراً من النار، فكيف نحن نطيع أميرنا هذا بأن نلقي بأنفسنا في النار، والله لا نفعل؛ حتى