وللأب تعاهدُه عندها وأدبُه وبعثُه إلى المكتب، ولا يبيت إلا عند الأم.
قلت: وحنبل وأحمد بن الفرج كانا يسألان الإمام أحمد عن مسائل مالك وأهل المدينة، كما كان يسأله إسحاق بن منصور وغيره عن مسائل سفيان الثوري وغيره، وكما كان يسأله الميموني عن مسائل الأوزاعي، وكما كان يسأله إسماعيل بن سعيد الشالنجي عن مسائل أبي حنيفة وأصحابه، فإنه كان قد تفقَّه على مذهب أبي حنيفة، ثم اجتهد في مسائل كثيرة رجَّح فيها مذهب أهل الحديث، وسأل عن تلك المسائل أحمدَ وغيرَه، وشرحها إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني إمام دمشق. وأما الذين كانوا يسألونه مطلقًا -مثل الأثرم وعبد الله وصالح وغيرهم- فكثيرون.
وأما حضانة البنت إذا صارتْ مميَّزةً فوجدنا عنه روايتين منصوصتين، وقد نقلهما غيرُ واحدٍ من أصحابه، كأبي عبد الله ابن تيمية وغيرِه:
إحداهما: أن الأب أحقُّ بها، كما هو موجود في الكتب المعروفة في مذهبه.
والثانية: أن الأمَّ أحق بها.
قال في رواية إسحاق بن منصور: يُقضَى بالجارية للأم والخالة، حتى إذا احتاجت إلى التزويج فالأب أحقُّ بها.
وقال في رواية مهنّا بن يحيى: الأمّ والجدَّة أحق بالجارية حتى يتزوَّج الأب.
قال أبو عبد الله في "ترغيب القاصد": وإن كانت جارية فالأب أحقُّ بها بغير تخيير، وعنه: الأمّ أحقُّ بها حتى تحيض.